السؤال
هل يجوز نشر فيديو تفسير القرآن والإعجاز العلمي على قنوات أخرى، علما أن صاحب القناة والفيديو رفض ذلك، وقد حذفه قبل ذلك من قناة أخرى على اليوتيوب، علما أن النية هي رضا الله والآخرة، وليس الربح المادي، وما معنى من كتم علما ألجم بلجام من نار؟.
هل يجوز نشر فيديو تفسير القرآن والإعجاز العلمي على قنوات أخرى، علما أن صاحب القناة والفيديو رفض ذلك، وقد حذفه قبل ذلك من قناة أخرى على اليوتيوب، علما أن النية هي رضا الله والآخرة، وليس الربح المادي، وما معنى من كتم علما ألجم بلجام من نار؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نشر تفسير القرآن مطلب محمود شرعا، وأما بخصوص نشر فيديو التفسير عبر قناة أخرى فإن كان صاحب القناة الأولى هو صاحب الملكية الفكرية فلا يجوز النشر لما يملكه من دون إذنه، فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت سنة: 1405هـ. بشأن الحقوق المعنوية، كحق التأليف ونحوه، فقال في نص قراره: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها. والله أعلم. ا. هـ.
واما عن مسألة كتم العلم فقد ثبت الوعيد فيها في عدة أحاديث بعضها فيمن يسأل، وبعضها لم يذكر فيه السؤال، ومن ذلك ما روى ابن ماجه، والترمذي، وحسنه، وأبو داود من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سئل عن علم فكتمه، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة. وروى احمد وابن حبان عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كتم علما يعلمه، جاء يوم القيامة، ملجما بلجام من نار. وهذه الرواية صححها الارناؤط
وفي رواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار. رواها الحاكم وصححها ووافقه الذهبي والألباني.
والمقصود بهذا هو العلم الشرعي الذي يحتاج له الناس، وتعين بيانه على المعلم، ولم يكن في بيانه ضرر عليه، فقد جاء في عون المعبود: وهو علم يحتاج إليه السائل في أمر دينه. انتهى.
وقال الإمام الخطابي: وهذا في العلم الذي يتعين عليه فرضه، كمن رأى كافرًا يريد الإسلام، يقول علموني الإسلام، وما الدين؟ وكيف أصلي؟ وكمن جاء مستفتيًا في حلال أو حرام، فإنه يلزم في مثل هذا أن لا يمنعوا الجواب عما سئلوا عنه، ويترتب عليه الوعيد والعقوبة، وليس الأمر كذلك في نوافل العلم التي لا ضرورة بالناس إلى معرفتها. انتهى.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ ـ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ الْحَقِّ، وَتِبْيَانِ الْعِلْمِ عَلَى الْجُمْلَةِ... وَتَحْقِيقُ الْآيَةِ هُوَ: أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا قَصَدَ كِتْمَانَ الْعِلْمِ عَصَى، وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّبْلِيغُ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا مَنْ سُئِلَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّبْلِيغُ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَلِلْحَدِيثِ. اهـ.
و قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فمن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ـ هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها، أمسك عنها ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه، وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه وخاف المسئول أن يكون فتنة له أمسك عن جوابه. انتهى.
وقد نظم بعض أهل العلم شروط وجوب الفتوى فقال:
وعارف مكلف قد سأله مكلف عن الذي يجب له
سائله خاف فوات النازله حتم عليه أن يجيب سائله
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني