السؤال
هل يشرع للمرأة أن تحد على أي متوفى ذكرا كان أو أنثى حتى ولو كان لا يجمعها بالمتوفى أي صلة قرابة كجارها مثلا؟ أم أن هناك ضوابط تحكم هذا الأمر؟.
وجزاكم الله خيرا.
هل يشرع للمرأة أن تحد على أي متوفى ذكرا كان أو أنثى حتى ولو كان لا يجمعها بالمتوفى أي صلة قرابة كجارها مثلا؟ أم أن هناك ضوابط تحكم هذا الأمر؟.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالإحداد على من يُحزن لفقده، ولو من غير القرابة، كجار، أو عالم، أو صهر، ونحو ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
فقوله: "على ميت"، عام: يشمل القريب والبعيد؛ قال الشربيني في مغني المحتاج: قال الأذرعي: والأشبه أن المراد بغير الزوج القريب كما أشار إليه القاضي، فلا يجوز للأجنبية الإحداد على أجنبي أصلا ولو بعض يوم، ولم أر فيه نصا قال الغزي: ويظهر أن الصديق كالقريب، وكذا العالم والصالح وضابطه من يحصل بموته حزن، فكل من حزنت بموته لها أن تحد عليه ثلاثة أيام هذا هو الذي يظهر اهـ.
وجاء في حاشية العبادي: الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: غَيْرِ زَوْجٍ مِنْ قَرِيبٍ سَيِّدٍ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت شَارِحِينَ تَخَالَفُوا فِيهِ وَمَا فَصَّلْته أَوْجَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا. انتهى.
وفي حاشية البيجرمي: وَأَمَّا الثَّلَاثُ وَمَا دُونَهَا فَيَحِلُّ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ الْقَرِيبِ فَقَطْ،... قَالَ النَّاشِرِيُّ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ وَالصَّدِيقُ كَمَا أُلْحِقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ لَا فَلَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا، مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ.انتهى.
ويدل على ذلك ما أخرجه ابن ماجه وأحمد وغيرهما عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكي له، فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ويحهن ما انقلبن بعد، مروهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
ولم يكن حمزة قريبا لهن، والبكاء نوع إحداد، وقد أخرج أبو داود وصححه الألباني عن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم ثم أتاهم، فقال لا تبكوا على أخي بعد اليوم.
ومع ذلك، فالأولى تركه خروجا من الخلاف، فبعض الشافعية يمنعون من ذلك كالأذرعي ـ كما نقلنا ـ وظاهر كلام الحنفية أيضاً قصره على القريب.
وإذا أرادت المرأة العمل بذلك، فمحله: حيث لا ريبة كما سبق، وإذا منعها الزوج لزمها أن تمتنع.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني