السؤال
والدي يا شيخ قبل فترة اشترى بيتا في مكان شبه مقطوع وبعيد جدا عن المدينة والخدمات العامة، وأنا سكنت فيه شهرين ولم أستطع التحمل، فتركته واستأجرت شقة في المدينة، مع العلم أني أعزب، عمري 25 وجميع إخوتي متزوجون وأنا أصغرهم، وأمي متوفاة من شهور، أنا تركت والدي لوحده في البيت الجديد، وأشعر أنه غضبان علي، لكن أنا صعب جدا علي أن أعيش في مكان موحش ومقطوع بحكم عملي، وأني شاب أحب الفسحة وشمة الهواء، لكن هو مصمم أن لا يتركه، ولا يريد أن يشتري بيتا آخر في منطقة معمورة بحجة أنه ملّ من الضجة وازدحام المدن، فهل أنا أعد من العاقّين لآبائهم؟ ماذا أفعل؟ انصحني أرجوك بارك الله فيك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه أنّ عليك طاعة أبيك في البقاء معه وأنّ تركه وحده على هذه الحال نوع من العقوق، ما لم يكن عليك ضرر محقق في البقاء معه، أما مجرد استيحاشك من المكان الذي فيه بيته، فليس ضرراً يبيح لك ترك أبيك وحده وهو يتأذى من ذلك، فالمشقة المحتملة لا تمنع وجوب طاعة الوالد في المعروف، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. الفتاوى الكبرى - (5 / 381).
واعلم أنّ طاعة الوالد في المعروف من أسباب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه الترمذي وابن ماجه .
والله أعلم.