السؤال
لدي مشكلة وهي أنني تتواجد دهون وعرق على وجهي تضايقني في الوضوء، وقد أراحتني فتوى عندكم لشخص بشرته دهنية، وقلتم إنه ليس عليه إزالة الدهن بالصابون، ولكن ما يزعجني أن يدي تكون جافة وسليمة قبل الوضوء، ولما أغسل بها وجهي وتأتي يدي على شعري تنتقل إليها الدهون والعرق، فأقوم بغسل كل أصبع على حدة؛ لأنني المتسبب في انتقال الدهون والعرق ليدي ولم تكن موجودة قبل الوضوء ولم تخرج من تلقاء نفسها، فهل هذا أنا مطالب به؟ وأرجو أن تعلموني بحجة الإجابة إذا أجبتم أنني لست مطالبا بهذا؛ لأنني قلق وأحتاج إلى ما يطمئنني لأترك هذا الأمر.
وبارك الله فيكم وجزاكم كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح أنك مصاب بالوسواس، لذا ننصح بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال معها على أي وجه، فإنها شر عظيم متى استحكمت من المرء أفسدت عليه أمر دينه، فالواجب طرحها جانبا، وعدم إعارتها أي اهتمام، وانظر الفتوى رقم: 51601.
ثم اعلم أن الحكم الذي قرأت في الفتوى من عدم وجوب إزالة تلك الدهون حكم صحيح لا مزيد عليه، كما سبق في الفتوى رقم: 130251.
فالدهون الناشئة عن الجسم لا تجب إزالتها لعدم ورود دليل على لزوم ذلك، قال الإسنوي: يتصور صحة الوضوء والغسل وعلى بدنه شيء لاصق به يمنع وصول الماء إليه يقدر على إزالته ولا تجب عليه الإعادة، وصورته في الوسخ الذي نشأ من بدنه وهو العرق الذي يتجمد عليه، فإنه لا يضر بخلاف الذي ينشأ من الغبار؛ كذا ذكره البغوي في فتاويه وهو متجه. انتهى.
وأما قولك: "ولكن ما يزعجني أن يدي تكون جافة وسليمة قبل الوضوء، ولما أغسل بها وجهي وتأتي يدي على شعري تنتقل إليها الدهون والعرق، فأقوم بغسل كل أصبع على حدة لأنني المتسبب في انتقال الدهون والعرق ليدي..." فالجواب أن هذا استرسال مع الوسوسة، وقد بينا لك ما في ذلك، فأنت لست الوحيد الذي لك بشرة دهنية، ولم نقف على دليل يوجب على هؤلاء ما لم يجب على غيرهم، والشرع جاء برفع الحرج والمشقة، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
قال الشيخ خليل بن إسحاق: وعفي عما يعسر، وجاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: قال في الذخيرة: قاعدة: كل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليهم اجتنابه سقط النهي عنه... اهـ
قال في المراقي:
قد أسس الفقه على رفع الضرر وأن ما يشق يجلب الوطر .. الخ . اهـ
واعلم أن من استرسل وراء الوساوس جره ذلك إلى الوقوع في العنت والمشقة الزائدة، وذهبت عنه لذة العبادة.
وراجع الفتوى رقم: 130251، والفتوى رقم: 37087.
والله أعلم.