الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط صحة تولي الولاية العامة، وحكم تولية المفضول

السؤال

ما حكم من يشغل وظيفة قيادية من أجل ما يتبعها من مزايا مالية واجتماعية، مع العلم أنه لا يمتلك المؤهل العلمي المطلوب أو الخبرة العملية المطلوبة لشغل هذه الوظيفة؟ وما حكم أن يرأس الأخير أفراداً هو يعلم أن منهم من هو أكفأ منه لشغل هذه الوظيفة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز أن يتولى الشخص شيئًا من الولايات العامة وهو ليس كفئا لتوليها، ولا توجد فيه الشروط الواجب توفرها في من يشغلها، جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة تولي الولاية العامة الرأي والكفاية، وهذه الصفة تختلف متطلباتها بحسب الولاية التي يراد إسنادها، فما يلزم توفره في الخطير منها كالإمامة العظمى من المقدرة السياسية والحربية والفكرية والصرامة والشفقة والمضاء والدهاء لا يشترط فيما دونها من الولايات، ومن أجل ذلك يشترط في كل ولاية بحسبها، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى، فيما رواه أبو ذر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر؛ إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها" فهذا الحديث أصل عظيم في عدم جواز إسناد الولاية العامة لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائفها وأعبائها وموجباتها، لأنها أمانة، وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. انتهى.

فمن علم من نفسه أنه ليس أهلا لمنصب معين لم يجز له توليه، وأما من توفرت فيه شروط الولاية ولكن كان في المتولى عليهم من هو أفضل منه فتوليه عليهم جائز ما دام قائما بحقوق تلك الولاية، وإن كان الأولى تقديم الفاضل، قال البهوتي في شرح المنتهى: (وَتَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَفْضُولٍ) مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ يُوَلَّى مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَاشْتُهِرَ وَتَكَرَّرَ وَلَمْ يُنْكَرْ. انتهى.

فتحصل أن هناك حالين، إحداهما: أن يكون هذا الشخص غير كفء للولاية ولا تتوفر فيه شروطها فيحرم توليته ولا يجوز له التولي، والثانية: أن يكون أهلا لتلك الولاية ولكن ثم من هو أفضل منه فهذا يجوز توليه؛ كما مر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني