الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفرط في صلاته بنومه عنها من غير عذر معرض لسوء الخاتمة

السؤال

بالنسبة لرقم هذا السؤال: 2536430
المقصود بالطاعة هو القيام لصلاة الفجر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإطلاق القول بأن من لم يستطع مقاومة النوم، والاستيقاظ لصلاة الفجر، لن يستطيع أن يقول لا إله إلا الله في سكرات الموت، هذا إطلاق غير صحيح، فقد يكون النائم معذورا في نومه، وعدم قدرته على الاستيقاظ للصلاة.
وأما المفرط في صلاته بنومه عنها من غير عذر، فإنه معرض لسوء الخاتمة، وعدم قدرته على النطق بكلمة التوحيد؛ فإن المعاصي من أعظم أسباب سوء الخاتمة.

قال عبد الحق الأزدي الأندلسي الأشبيلي، المعروف بابن الخراط في كتابه (العاقبة في ذكر الموت): وَاعلم -رَحِمك الله- أَن لسوء الخاتمة -أعاذنا الله مِنْهَا- أسبابا، وَلها طرقا، وأبوابا أعظمها الإكباب على الدُّنْيَا، والإعراض عَن الْأُخْرَى، والإقدام بالمعصية على الله تَعَالَى. وَرُبمَا غلب على الْإِنْسَان ضرب من الْخَطِيئَة، وَنَوع من الْمعْصِيَة، وجانب من الْإِعْرَاض، وَنصِيب من الافتراء فَملك قلبه، وسبى عقله، وأطفأ نوره، وَأرْسل عَلَيْهِ حجبه، فَلم تَنْفَع فِيهِ تذكرة، وَلَا نجعت فِيهِ موعظة، فَرُبمَا جَاءَهُ الْمَوْت على ذَلِك، فَسمع النداء من مَكَان بعيد، فَلم يتَبَيَّن المُرَاد، وَلَا علم مَا أَرَادَ وإن أعَاد عَلَيْهِ، وَأعَاد. انتهى.
وقال -رحمه الله- أيضا: وَاعْلَم أَن سوء الخاتمة -أعاذنا الله مِنْهَا- لَا يكون لمن استقام ظَاهره، وَصلح بَاطِنه وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لمن كَانَ لَهُ فَسَاد فِي الْعقل، وإصرار على الْكَبَائِر، وإقدام على العظائم فَرُبمَا غلب ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى ينزل بِهِ الْمَوْت قبل التَّوْبَة، ويثب عَلَيْهِ قبل الْإِنَابَة، وَيَأْخُذهُ قبل إصْلَاح الطوية، فيصطلمه الشَّيْطَان عِنْد تِلْكَ الصدمة، ويختطفه عِنْد تِلْكَ الدهشة، وَالْعِيَاذ بِاللَّه، ثمَّ العياذ بِاللَّه أَن يكون لمن كَانَ مُسْتَقِيمًا لم يتَغَيَّر عَن حَاله، وَيخرج عَن سنته، وَيَأْخُذ فِي غير طَرِيقه، فَيكون ذَلِك سَببا لسوء الخاتمة، وشؤم الْعَاقِبَة وَالْعِيَاذ بِاللَّه. (إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا فَلَا مرد لَهُ وَمَا لَهُم من دونه من وَال). انتهى.
وذكر ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: قال عبد العزيز بن أبي روَّاد: حضرت رجلاً عند الموت يُلَقَّنُ لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافرٌ بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألتُ عنه، فإذا هو مدمنُ خمرٍ. فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنَّها هي التي أوقعته. وفي الجملة: فالخواتيم ميراثُ السوابق، وكلُّ ذلك سبق في الكتاب السابق. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني