السؤال
لدي سؤال حول المسح على الجورب: ففي صلاة الفجر أغسل رجلي في إسباغي الوضوء، وابتداء من الظهر أمسح على الجوارب، وعند النوم أنزعها، وفي الصباح أعيد الكرة، حيث أغسل رجلي في صلاة الفجر، وأمسح على الجوارب في صلاة الظهر إلى آخر اليوم، فهل فعلي هذا صحيح ولا حرج علي في عدم إكمالي مدة المسح للمقيم؟ أرجو الإجابة على سؤالي بالخصوص وعدم إحالتي على سؤال آخر.
وشكرا لكم على مجهودكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تفعله من المسح على الجوربين صحيح إذا توفرت فيهما شروط المسح، وكنا قد بيناها في الفتوى رقم: 5345، فراجعها.
وفي خصوص قولك: فهل فعلي هذا صحيح، ولا حرج علي في عدم إكمالي مدة المسح للمقيم... فجوابه أن نعم، فهو فعل صحيح كما قدمنا، لأنه لا أحد من أهل العلم يقول باشتراط إكمال مدة المسح ليكون المسح صحيحا، وإنما اختلف أهل العلم فيما إذا كان الأخذ برخصة المسح على الخفين أفضل من تركها أم أن تركها أفضل ـ كما هو الغالب في الرخص ـ فذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن غسل القدمين أفضل، وذهب الإمام أحمد في أصح الروايتين عنه إلى أن المسح على الخفين أفضل، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا مسح الخفين وإن كان جائزا فغسل الرجل أفضل منه بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة، ولا شكا في جوازه، وقد صرح جمهور الأصحاب بهذا في باب صلاة المسافر في مسألة تفضيل القصر على الإتمام وفي غيرها، وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله يجوز المسح ولم يقل يسن أو يستحب، ودليل تفضيل غسل الرجل أنه الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في معظم الأوقات، ولأن غسل الرجل هو الأصل، فكان أفضل كالوضوء مع التيمم في موضع جواز التيمم وهو إذا وجد في السفر ماء يباع بأكثر من ثمن المثل فله التيمم، فلو اشتراه وتوضأ كان أفضل، صرح به البغوي وغيره، هذا مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وروى ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابنه ـ رضي الله عنهما ـ تفضيل غسل الرجل أيضا، ورواه البيهقي عن أبي أيوب الأنصاري أيضا، وقال الشعبي والحكم وحماد: المسح أفضل، وهو أصح الراويتين عن أحمد، والرواية الأخرى عنه أنهما سواء، وهو اختيار ابن المنذر، واحتج لمن فضل المسح بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة المذكور في الكتاب: بهذا أمرني، وبحديث صفوان الذي ذكره المصنف بعد هذا: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا ـ الحديث، والأمر إذا لم يكن للوجوب كان ندبا، ودليلنا ما سبق والمراد بالأمر في الحديثين أمر إباحة وترخيص بدليل ما ذكرناه، ويؤيده أن في رواية من حديث صفوان: أرخص لنا أن لا ننزع خفافنا ـ رواه النسائي، وفي حديث المغيرة تأويل آخر أي أمرني ببيانه، والله أعلم. اهـ.
والله أعلم.