السؤال
أسكن وزوجي في بيت أهله، وزوجي له أخ متزوج ويسكن معنا.
ما ألاحظه دائما هو المعاملة التي يعامل زوجي بها زوجة أخيه؛ كأن يسألها عن أمور غير منطقية، يمكن معرفة الإجابة عنها دون ذكاء، أو أن يلاعبها كأن يدق لها نافذتها عمدا؛ كي تخرج من غرفتها وتضحك معه!
أنا لم أقبل بهذه الأمور، وزوجي يتهمني بالوسواس والجنون، فهل يرضى ديننا بهذه الأمور؟ وهل يعطي له الحق بإهانة زوجته، وملاعبة زوجة أخيه في حضور زوجته؟ علما أننا لا نلبس الحجاب أمام بعضنا بعضا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تظهر بغير حجاب أمام أخي زوجها، وهذا يعتبر منكرًا ومعصية تستوجب التوبة إلى الله تعالى، كما لا يجوز للرجل أن ينظر إلى زوجة أخيه وهي بغير حجاب؛ بل الواجب عليه غض بصره عنها، ولا يجوز له ملاعبتها ومضاحكتها، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الدخول على النساء الأجنبيات، وخص بالتحذير أقارب الزوج -كأخيه، وعمه-، ففي الحديث: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ" متفق عليه. والحمو: أقارب الزوج، كأخيه. قال النووي في شرح الحديث:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحَمو الْمَوْت) فَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره، وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ وَالْفِتْنَة أَكْثَر؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ. وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا: أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ. فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء: فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ، تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا، وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد: الْأَخ، وَابْن الْأَخ، وَالْعَمّ، وَابْنه، وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ. وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ، وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَوْت، وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ.
فالواجب عليكم جميعًا: تقوى الله تعالى، ويجب عليك أن تتحجبي أمام إخوان زوجك، وأيضا أن تنصحي زوجك برفق ولين، وأن تبيني له الحكم الشرعي فيما يفعله، وأنه مظنة الوقوع في ما حرم الله تعالى، ولا يقولن إنها كأخته، وإنه واثق من نفسه، كما يقوله بعض الحمقى والمغرورين الذين يبرئون أنفسهم؛ فإن النفس أمارة بالسوء، كما وصفها خالقها، وليست أهلًا للوثوق بها والركون إليها، وهذا نبي الله يوسف -عليه السلام- لم يبرِّئْ نفسه، كما أخبر الله عنه أنه قال: { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } [سورة يوسف: 53].
قال ابن جرير: يقول يوسف -صلوات الله عليه-: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها، إن النفوسَ نفوسَ العباد تأمرهم بما تهواه وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله، إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه، فينجيه من اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء، إن ربي غفور رحيم. اهـ.
وقد جاء في الحديث أيضًا: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ" متفق عليه. وانظري الفتوى رقم: 240934 عن أخطار مخالطة الرجل زوجات إخوته، والفتوى رقم: 138651 عن سكن أسرتين في منزل واحد. نظرة شرعية، والفتوى رقم: 118927 عن أدب المرأة التي تعيش مع أهل زوجها، والفتوى رقم: 132676 في بيان حدود العلاقة بين الأخ وزوجة أخيه.
والله تعالى أعلم.