السؤال
ما حكم دعاء المسلم لأخيه المسلم بالخير لقدوم العام الهجري الجديد، مع أنه لا يعتقد بذلك سنية خاصة، وإنما أراد الدعاء لأخيه المسلم بأن يكون بخير كلما دارت الأيام والسنوات، كأن يقول له: كل عام وأنت بخير، وجزاكم الله خيرًا.
ما حكم دعاء المسلم لأخيه المسلم بالخير لقدوم العام الهجري الجديد، مع أنه لا يعتقد بذلك سنية خاصة، وإنما أراد الدعاء لأخيه المسلم بأن يكون بخير كلما دارت الأيام والسنوات، كأن يقول له: كل عام وأنت بخير، وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتهنئة بالعام الهجري لم يرد فيها نص من الشارع لا بسنيتها ولا ببدعيتها ولم تؤثرعن السلف الصالح لذلك اختلف أهل العلم من معاصرين وغيرهم في حكمها، فمنهم ما ألحقها بباب العبادات فضيّق فيها؛ إذ لا نص فيها، والأصل في العبادات التوقيف. ومنهم من أجراها مجرى العادات، وألحقها بما لا يفعل على سبيل السنة المأثورة، ولا يقال إنه سنة، كما لا يقال إنه بدعة.
قال الدميري في النجم الوهاج في شرح المنهاج: قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلاما في التهنئة بالعيد، والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه سئل عن ذلك فأجاب: بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة. وفي حاشية البيان والتحصيل عن مالك أنه قال: لا يكره، وقال ابن حبيب: لا أعرفه ولا أنكره. انتهى.
وقد ختم السيوطي رسالته: (وصول الأماني بأصول التهاني) بكلام القمولي، ثم قال: ونقله الشرف الغزي في شرح المنهاج ولم يزد عليه. انتهى
ومن خلال هذه النقول التي سردنا، ومن خلال نقول أخرى، وفتاوى مشهورة ومنتشرة لعلماء أجلاء معاصرين أعرضنا عن جلبها؛ لشهرتها، وسهولة الوصول إليها لمن يرغب فيها، ظهر لنا أن التهنئة بالعام الهجري لا بأس بها، وهذا هو أقل ما يقال فيها، وذلك لأنها من باب المباحات، وهذا هو قول غالب من اطلعنا على كلامهم فيها، ومن المعلوم أن المباحات قد تصير طاعة وقربة يُتقرب بها إلى الله -تعالى- بالنية. وبما يبعث عليها من المصلحة والمنفعة المتوخاة من فعلها، ثم إنه من غير الخافي على أحد ما يترتب على تبادل التهاني بين المسلمين بعامهم الهجري، وإشاعة ذلك بينهم من بعث الشعور بتاريخ الأمة، وإحياء العمل به، ونشر ثقافة التعامل به بين شباب المسلمين الذين يجهل أكثرهم هذا التاريخ، وتلك السنة العُمَرِيَّة التي أماتها تشبثنا واعتناؤنا بثقافة الآخر، والاهتمام والثقة بكل ما عنده، والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني