السؤال
واجهتني مشكلة منذ 6 سنوات، وهي: تحرش أخي زوجي بابنتي وعمرها 6 سنوات، كبرت المشكلة بأني واجهته، وتكلمت معه، ومع أمه وأبيه بما حكت ابنتي لي، لكنهم أنكروا الموضوع، وانقلبوا ضدي، وسارعوا إلى تزويجه، وأنا أوكلت أمري لله، حسبي الله ونعم الوكيل، ولكن بحكم أنهم أهل زوجي، وفي نفس الوقت أبوه أخو أمي، وأمه ابنت عم أبي، فهناك صلة رحم كبيرة لم أقدر أن أقاطعهم، فقاطعته هو فقط؛ بأن قطعت يمينًا علي نفسي أن لا أكلمه أو أصافحه طوال حياتي، ولن أدخل له بيتًا، ونبهت على أبنائي عدم دخول بيته، ولكن مع مرور السنين أصبح أبناؤه يأتون إلينا بحكم أنه بيت عمهم، وأنا في نفسي قلت: إنهم لا ذنب لهم. وأيضًا زوجته لم تدخل بيتي؛ لأني أنا لم أدخل بيتها، ونتقابل في المناسبات فقط، وأصافحها ولا أتحدث معها، ولكن في آونة أخيرة حدثت لنا ظروف صعبة في بلادنا، فالتجأنا إلي منطقة أخرى، وبدأت مقابلاتنا تكثر بحكم سكننا مع بعضنا، فحدث أن مد يده لي ليصافحني أمام الناس، فعجزت أن أرده، فصافحته، وأيضًا زوجته تريد أن أزورها في بيتها.سؤالي: إني قطعت يمينًا علي نفسي أني لا أصافحه، وصافحته، وإذا قمت بزيارتها سوف أنقض يميني، فأفيدوني، وهل يجوز لي مصالحته بعد الذي فعله؟أنا في نفسي غصة من فعله المشين، ولا أريد أن أسامحه، فهل أتغاضى عن فعله؟ فأنا محتارة، وهل يتوجب عليّ كفارة على يميني الذي قطعته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر من حصول مثل هذه الممارسات من العم مع بنت أخيه، فلا شك في أن هذا جرم عظيم، ومصيبة كبرى، تجب عليه التوبة منه، كما تجب عليكم أنتم حماية ابنتكم من الخلوة به ومخالطته، ويشرع في الأصل هجر العاصي إن كان ذلك يؤثر عليه ويجره للتوبة.
وأما عن يمين هذه المرأة، وامتناعها عن مصافحته: فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تصافح رجلًا إن لم يكن محرمًا لها؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني، وغيره، وهو حديث صحيح، كما قال الألباني -رحمه الله تعالى-.
وقالت عائشة -رضي الله عنها-: ما مست كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كف امرأة لا تحل له. رواه مسلم، وغيره.
وأما عن زيارتها لبيته، وتواصلها مع زوجته: فالأفضل أن تكفر عن يمينها، وتتواصل معها؛ فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها؛ فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه".
والكفارة هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن لم يجد شيئًا من ذلك صام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}.
وراجعي الفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 27658، والفتوى رقم: 3045.
والله أعلم.