السؤال
ما حكم من يتعمد الذهاب لمسجد معين من أجل جمع الصلاة بعذر المطر؛ حيث إن إمام مسجد الحي لا يجمع؟ أو من يتعمد ترك مصلى العمل ليذهب إلى المسجد في الشتاء من أجل الجمع؟ وهل يعد ذلك من تتبع الرخص؟ وهل هو بحكم من سافر في نهار رمضان من أجل الفطر لا من أجل السفر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسألة التي سألت عنها قد أجاب عنها الشيخ/ ابن عثيمين في فتاوى لقاء الباب المفتوح، وسننقل لك نص كلامه لما فيه من الفائدة:
السؤال: نحن نعلم أن قبل فترة نزلت الأمطار فاختلف أئمة المساجد، بعضهم من يرى الجمع؛ لأن الحال يستدعي الجمع، وبعضهم لا يرى ذلك، فما قولكم فيمن جاء إلى مسجد -مثلًا- وهذا الإمام لم يرَ أن المطر يجيز الجمع، فذهب هذا المأموم وبحث عن مسجد آخر حتى وجد أحد المساجد يجمع فيها، فصلى صلاة العشاء، فصلى المغرب مع إمام، وصلى العشاء مع إمام آخر، فما قولكم في ذلك؟ مع العلم أن الإمام الأول لم يرَ أن هنالك مسوغًا للجمع؛ إذ لا يوجد مطر، ولا يوجد وحل، ولا هنالك برد، ولا غيره.
الجواب: أرى أن هذا يشبه من سافر في رمضان من أجل أن يفطر، والعلماء قالوا: إذا سافر في رمضان من أجل أن يفطر حرم عليه السفر والفطر؛ لأن هذا الرجل الآن لم يذهب من أجل الرخصة، ربما يكون تعبه في ذهابه من مسجد حيه إلى المسجد الثاني أكثر من تعبه إذا انتظر إلى صلاة العشاء، لكن يريد أن يتخلص من الصلاة، فكأنه يقول: أرحنا من الصلاة، ولا يقول: أرحنا بالصلاة. أرى مثل هذا إن لم تكن صلاته باطلة فهي إلى البطلان أقرب منها إلى الصحة؛ لأن هذا ما ذهب إلى المسجد الذي يجمع من أجل السهولة، إنما ذهب من أجل التخلص، وإلا فمن المعلوم أن السهولة إذا جاء إلى مسجده في وقت الصلاة مع قربه أفضل وأسهل له، فأنا في شك من صحة صلاته.
ونصيحتي للمسلمين: أن يتقوا الله -عز وجل-، وأن يعلموا أن الله فرض الصلاة، وجعلها كتابًا موقوتًا في وقت معين، لا يحل لإنسان أن يقدم صلاته على وقتها، وإذا قدمها لم تقبل منه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) إلا إذا كان هناك عذر شرعي فلا بأس.
ثم نقول لهذا الرجل: اذهب الآن إلى بيتك، وإذا أذن العشاء فإن كان عندك قدرة أن تحضر إلى المسجد احضر، وإن كانت السماء تمطر ويلحقك مشقة فصلِ في بيتك، ولك أجر الجماعة كاملة؛ لأنك تخلفت عنها لعذر، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا). انتهى.
والله أعلم.