السؤال
بارك الله فيكم على ما تقدمونه من نفع للأمة، وسؤالي الأول: أيهما أولى بالإمامة: من كان حافظا لكتاب الله، ولكنه لا يعلم السنة الصحيحة في الصلاة ويأتي بأخطاء فيها، أو من هو أقل منه حفظا ولكنه يصلي حسب السنة؟.
سؤالي الثاني: هل ينطبق الحكم على من سب الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل الغرب الذين لا يعلمون عن الإسلام شيئا، وإنما وصل إليهم بصورة مشوهة جدا من إعلامهم الفاسد، كما في بعض الدول التي فيها من أساء إلى نبينا صلى الله عليه وسلم برسومات أو ما شابه ذلك وبين النصارى في بلداننا ممن يشتم رسولنا مع الدليل؟.
وبارك الله فيكم وزادكم علما ونفعا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سؤالك الأول: فإن المقدم في الإمامة هو الأقرأ الأفقه، وفي الصورة المذكورة، فإنه يقدم الفقيه وإن كان أقل حفظا على من هو أكثر حفظا، جاء في الروض مع حاشيته: الأولى بالإمامة الأقرأ جودة العالم فقه صلاته كشروطها وأركانها وواجباتها، ومبطلاتها ونحو ذلك، قال الحافظ: لا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفا بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة، أما إذا كان جاهلا، فلا يقدم اتفاقًا. انتهى.
فلو فرض أن هذا الأقرأ غير عالم بفقه صلاته قدم عليه الفقيه الأقل قراءة، وأما إن كان الأقرأ عالما بفقه صلاته، وكان ثم من هو أفقه منه، فإن الأقرأ يقدم، لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة. رواه مسلم.
وذهب بعض العلماء إلى تقديم الأعلم بفقه الصلاة مطلقا، وإن كان الأقرأ عالما فقه صلاته، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى خِلافِ ما يفيده كلامُ المؤلِّفِ، وهو أَنَّه إذا اجتمعَ أقرأُ وقارئ فَقِيهٌ، قُدِّمَ القارئ الفقيهُ، على الأقرأ غير الأفقه، وأجابوا عن الحديث: بأنَّ الأقرأَ في عهد الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم والصحابةِ هو الأفقهُ، لأنَّ الصحابةَ كانوا لا يقرؤون عشرَ آياتٍ حتى يتعلَّمُوها، وما فيها مِن العِلْمِ والعمل، ومِن المعلومِ أَنَّه إذا اجتمعَ شخصان أحدِهما أجودُ قِراءةً والثاني قارئ دونه في الإجادة، وأعلمُ منه بفقهِ أحكامِ الصَّلاةِ، فلا شَكَّ أنَّ الثاني أقوى في الصَّلاةِ مِن الأولِ، أقوى في أداء العملِ، لأنَّ ذلك الأقرأَ رُبَّما يُسرعُ في الرُّكوعِ أو في القيام بعدَ الرُّكوعِ، ورُبَّما يطرأُ عليه سهوٌ ولا يدري كيف يتصرَّف، والعالمُ فِقْهَ صلاتِهِ يُدركُ هذا كلَّه، غاية ما فيه أنه أدنى منه جَودة، في القِراءةِ، وهذا القول هو الرَّاجحُ. انتهى.
وأما سؤالك الثاني: فيرجى إدخاله تحت رقم مستقل لتتسنى إجابتك عليه.
والله أعلم.