السؤال
الأحكام الفقهية المستنبطة من القرآن أو السنة، مثل: المستحب، والمكروه ، والجائز أو غير الجائز، والسنة المؤكدة، والمباح، وغيرها من الأحكام، هل كانت موجودة في عهد أبي بكر الصديق، أو عمر بن الخطاب كمصطلحات أو كمفهوم أن أبا بكر الصديق أو عمر بن الخطاب قالا لشخص إنه سوف يثاب لتركه لشيء وأنه لن يعاقب على فعله أو غيرها من تعريفات المصطلحات المستنبطة من القرآن أو السنة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 286282، أن هذا المصطلحات مبناها على استقراء نصوص الشرع والتمييز بين أنواع خطابه ودلالاتها، وأن علماء أصول الفقه قد درجوا على ذلك وتتابعوا عليه، وإن كنا لا نعلم على وجه التحديد من أول من استعمل هذا الاصطلاح، ولم تكن تلك المصطلحات موجودة في عصر الصحابة بهذه التسمية، ولكنهم كانوا يعلمون دلالتها من النصوص الشرعية، فحين خاطبهم الله تعالى بقوله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا {المائدة:96}. فهموا أن المحرم له أن يصيد صيد البحر وأنه لا يتعلق بصيده عقاب ولا ثواب، وهذا ما اصطلح الفقهاء على تسميته بالمباح، وفهموا أنه ممنوع من صيد البر وأنه يترتب على صيده تعرضه للعقاب، وهذا ما اصطلح الفقهاء على تسميته بالمحرم.
وحين خاطبهم بقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا {النساء: 29ـ 30}. فهموا التحريم منه.
وكذا حين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ، وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ ـ فهموا وجوب استيعاب القدم بالغسل، وأن عدم الاستيعاب يترتب عليه العقاب، وهذا هو التحريم، ومثله حين خاطبهم بقوله: صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ, صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ ـ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ ـ رواه البخاري، فهموا أنه رغبهم فيها وأنه لا يترتب عقاب على تركها، وهذا ما اصطلح الفقهاء على تسميته بالمستحب، وغير ذلك كثير.
والله أعلم.