السؤال
أنا فتاة في السابعة عشر من عمري، وأيضا من هواة التعارف بشكل كبير، شاركت في محادثات خاصة بيني وبين رجال من دول أجنبية؛ لتطوير مهارتي اللغوية، والتعرف على ديانتهم، ومعرفة نظرتهم للإسلام، وأحيانا إقناعهم بهم. ولكن قد يخرج ذلك إلى محادثات عادية مثل التي بين الصديق وصديقه، وأيضا حديثي مع فتى في مثل سني، وبلدي، لمناقشة الأمور الدراسية، وقد يخرج ذلك أيضا إلى محادثات عادية كمثل التي بين الصديق، وصديقه.
فهل يجوز لي ذلك، مع التأكيد على حبي الشديد للتعرف على أبناء الثقافات الأخرى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الدين الحنيف حريص على صيانة المجتمع المسلم، وحراسة الفضيلة فيه، ومن أجل ذلك وضع قيودا تضبط العلاقة بين الرجل والمرأة، بسبب ما اقتضته الغريزة من ميل كل من الجنسين للآخر، ومن هنا حذر من الفتنة في هذا الجانب، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والمحادثة باب عظيم من أبواب الفساد، ولذلك شدد العلماء فيها، بل شددوا في مجرد سلام الرجل على الشابة، مع أن السلام قد يكون في لحظة عابرة، فكيف بمحادثة قد تمتد مدة من الزمن، وراجعي الفتوى رقم: 21582.
فالمحادثة إن كانت لحاجة، وروعيت فيها الضوابط الشرعية، فلا حرج فيها، وأما التوسع فيها لأجل التعارف ونحو ذلك، فلا يجوز، فالسلامة كل السلامة في الحذر منها، والاقتصار فيها على قدر الحاجة، وإلا استغل الشيطان الموقف، وربما قاد إلى أمور لا تحمد عقباها، ويحدث هذا كثيرا، فالسلامة لا يعدلها شيء، قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
ودعوة الرجل المرأة الأجنبية إلى الإسلام، أو العكس، الأولى أن يتولى فيها كل جنس دعوة بني جنسه، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 30911.
والله أعلم.