السؤال
أنا أقذر خلق الله؛ لقد تعرضت للتحرش وأنا في عمر الخامسة من قبل أحد أقارب أبي، ومنذ ذلك الوقت بدأت شهوتي تتحرك، بعدها بسنوات أظن في العاشرة من عمري مارست الجنس سطحيًّا مع أخي الذي يصغرني بأربع سنوات، وتواصل هذا من قبل بلوغي إلى حين بلغت الثالثة عشر، وحينها توقف نهائيًّا، وأيضًا تحرش عمي الذي يكبرني بعشرين سنة بي وأنا في الثانية عشر، استجبت له في البداية، لكن سرعان ما فررت. ألم أقل لك: إنني أقذر خلق الله، أنا ملعونة، لكَم أخجل من نفسي، وأخجل من عائلتي، وأخجل من أخي الذي لا أدري مصيره، رغم أنه كان يستجيب لي إلا أنه لا زال صغيرًا ولا لوم عليه، منذ سنوات وشعور الندم والاحتقار لا يفارقني لحظة، أنا أعيش في بلد عربي لكن علماني، ولو كان بلدي يطبق الشريعة لما توانيت لحظة واحدة عن تقديم نفسي للحاكم لتطبيق الحد علي. أنا أعلم أني ارتكبت أكبر معصية على وجه الأرض، لكن هل يتوب عليّ الله؟
أنجدوني -جزاكم الله خيرًا-، أرجوكم ادعوا لي بالمغفرة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوبة تمحو كل الذنوب والآثام عن العبد إذا كانت توبة نصوحًا، فلا تيأسي من رحمة الله، ولا تقنطي من روح الله، وأحسني ظنك بربك تعالى، وأقبلي عليه بصدق وإخلاص، واعلمي أن توبتك تمحو ذنوبك مهما كانت عظيمة، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
واعلمي أن ما كان من هذه الأفعال قبل بلوغك فإنك لا تأثمين به، وما كان منها بعد بلوغك فإن التوبة تمحو إثمك هذا، فهوني عليك، واستحضري سعة رحمة الله وعظيم مغفرته، وأقبلي عليه، وأحسني عملك، واجتهدي في فعل الصالحات؛ فإن ذلك يمحو عنك أثر ذلك الفعل، ولا يلزمك حتى لو كنت في بلد يقيم الحدود أن تذهبي إلى الحاكم ليقيم عليك الحد، هذا إذا كنت ارتكبت ما يوجب الحد، وليس ما ذكرته كذلك، وعلى كل حال؛ فاستتري بستر الله، ولا تخبري بما ذكرت أحدًا، وأخلصي لله تعالى، واجتهدي في مرضاته، عالمة أنه سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وما ذكرته وإن كان أمرًا منكرًا لكنه ليس أعظم الذنوب، وهذا الذنب وما هو أعظم منه يغفره الله تعالى لمن تاب منه وصدق في التوبة، نسأل الله أن يغفر لك ويتجاوز عنك.
والله أعلم.