السؤال
عندما بلغت منذ 9 سنوات لم أكن ناضجة بالشكل الكافي، ولم أكن أعلم كيفية الغسل بعد الحيض، فكل ما كنت أعلمه هو أنه يجب الاستحمام التقليدي بعدها فقط، وكنت أستحم استحماما تقليديا، وينزل الماء على بدني ثم أصلي بعدها! وكنت أفعل ذلك بنية أنه يجب الاستحمام بعد الحيض حتى أصلي بعد الحيض، ولم أضع في نيتي غسل جميع البدن، لأنني لم أكن أعلم، فهل نيتي بذلك صحيحة؟ ولا أعرف هل كان يصل الماء إلي أذني من الأمام ومن وراء الأذن ولا إلى السرة ولا إلى مكان القذى في العين....... ولم أكن أتمضمض أو أستنشق، ولا أستطيع أن أحلف أن الماء لم يصل إلى كل تلك الأجزاء، ويغلب على ظني أنه توجد أجزاء لم يصل إليها الماء، لأنني لم أكن أمسح بيدي على ما ذكرته من بدني. فهل من الممكن أن يكون قد وصل الماء إلى كل تلك الأجزاء دون مسح أو تخليل لشعري؟ وكنت أرتدي في أذني حلقا ضيقة ولا أخلعها ولا أعرف هل كان يصل الماء إلى ما تحتها أم لا، فهل يعفي عنه؟ وهل يمكن أن يكون قد وصل الماء إلى ما تحته دون تحريكه؟ واستمرت معي هذه الحالة حوالي سنة ونصف أو سنتين، ثم عرفت طريقة الغسل الصحيحة.... وكان يفوتني أن أخلل شعري حتى يصل إلى منبت الشعر وعرفت ذلك بعد مدة لا أتذكرها، وكنت لا أمسح سرتي من الداخل ولا مكان القذى في العين وعرفت وجوب وصول الماء إليهما منذ شهور عديدة فقط ، فهل يمكن أن يكون وصل الماء إلى منبت الشعر دون تخليله وإلى السرة والعين دون المسح باليد؟ وكنت أتمضمض وأستنشق في الوضوء الذي قبل الغسل مباشرة، فهل يجزئ ذلك؟ وكنت في ذلك الوقت لا زلت أرتدي الحلق في أذني، ومرة نسيت المضمضة والاستنشاق بعد انتهائي من الغسل بحوالي نصف ساعة تقريبا فرجعت واستنشقت وتمضمضت عملا بفتوى قرأتها، فهل هذا الغسل صحيح؟ والآن والحمد لله أغتسل بشكل صحيح ـ إن شاء الله ـ فهل كل صلواتي في حياتي منذ بلوغي صحيحة؟ وهل يوجد قول يسير يخفف عني المشقة يمكن الأخذ به؟ أم ماذا أفعل؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولك، وأن يهدينا وإياك إلى طريق الحق، ويعيننا وإياك على الثبات عليه، ونفيدك أن الغسل المجزئ يتحقق بإفاضة الماء على البدن بحيث يعم الماء جميع البدن، ولا يشترط اليقين بحصول التعميم على جميع الجسم، بل تكفي غلبة الظن رفعا للحرج ودفعا للمشقة، قال البهوتي في كشاف القناع: ويكفي الظن في الإسباغ ـ أي في وصول الماء إلى البشرة ـ لأن اعتبار اليقين حرج ومشقة. اهـ.
وحيث إن السائلة كانت تقوم بإفاضة الماء على جسمها، وطرأ عليها الشك بعد ذلك في أنها قد لا تكون عممت الجسم بالماء، فإنها غير مطالبة بإعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل، لأن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 120064، 115623، 128621.
على أنها إن كانت تقصد عدم دلك الأعضاء فحسب، فهذا لا يبطل الغسل كما سنوضح، ولمعرفة الغسل الأكمل نحيل السائلة إلى الفتويين رقم: 3791، ورقم: 6133.
هذا، ونود التنبيه إلى بعض الأمور التي وردت في السؤال، لكي تستفيد منها السائلة للمستقبل إن شاء الله:
1ـ وصول الماء إلى الجسم دون دلك باليد كاف في صحة الغسل، فالدلك في الغسل مستحب في قول جمهور أهل العلم وليس بواجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين الماء على سائر بدنك. أخرجه مسلم.
2ـ من المهم مراجعة الفتوى رقم: 111302، حول حكم الغسل مع وجود قذى بالعين.
3ـ يدخل في الغسل الواجب المضمضة والاستنشاق عند الحنفية والحنابلة بخلاف المالكية والشافعية فيرون ذلك سنة في الغسل والوضوء، وانظري تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17079.
فعلى القول بوجوبهما يكفي لصحة غسلك أن تأتي بهما فيما بعد إذا نسيتهما، لأن الموالاة لا تجب في الغسل في قول الجمهور، وانظري الفتويين رقم: 137289، ورقم: 141901.
وعلى القول بسنيتهما، فلا يلزم الإتيان بهما أصلا.
4ـ لا يجب نزع الحلق التي تكون في الأذن، ولكن يجب عند بعض أهل العلم تحريكها ليصل الماء لثقب الأذن، وبعض العلماء يرى أن ثقب الأذن من باطن الجسم، وبالتالي فلا يلزم إيصال الماء إليه، وانظري الفتوى رقم: 191521.
5ـ يرى شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من العلماء سقوط قضاء الصلاة عن من أداها ناقصة ركنا أو شرطا جهلا منه، وتراجع الفتوى رقم: 109981.
والله أعلم.