الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيجاب البلاغ على رسول الله لا ينافي اصطفاءه، وفضله

السؤال

في عقيدتنا -نحن المسلمين- لا شك أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل المخلوقات على الإطلاق، وأنه مختار، ومصطفى من قبل الله لإبلاغ وحيه، فما هي طبيعة شخصيته؟ والبعض يقول: كيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الناس، وهو مجبر على إبلاغ الدعوة؟ وهل له اختيار في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أفضل المخلوقات على الإطلاق، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا سيد و لد آدم، ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة، ولا فخر. إلى غير ذلك من النصوص المبينة أنه أفضل الخلق، وأكرمهم على ربه، وقد سبق المزيد من الكلام على هذا، والأدلة عليه في الفتاوى التالية أرقامها: 55115، 56683 . وقد تكلمنا على شخصيته، وبعض صفاته في الفتاوى التالية أرقامها: 13717، 6667، 20635.

وأما عن إيجاب البلاغ عليه صلى الله عليه وسلم: فهذا التكليف فيه تشريف له صلى الله عليه وسلم، ولا ينافي اصطفاءه وفضله، فإن من خصائصه بعثته إلى الثقلين، فقد قال الله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا {الفرقان:1}، وروى البخاري، ومسلم من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي... وذكر منها: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأما قوله: وبعثت إلى الناس عامة ـ فوقع في رواية مسلم: وبعثت إلى كل أحمر وأسود الإنس والجن، وعلى الأول التنصيص على الإنس من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأنه مرسل إلى الجميع، وأصرح الروايات في ذلك، وأشملها رواية أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عند مسلم: وأرسلت إلى الخلق كافة. انتهى.

وقال السفاريني في لوامع الأنوار البهية: والثالثة: أنه سبحانه وتعالى خص نبيه صلى الله عليه وسلم ببعثه نبيًا ورسولًا لسائر ـ أي: جميع ـ الأنام، كسحاب، الخلق من الإنس والجن بالإجماع، واختلف في إرساله إلى الملائكة على قولين أحدهما: أنه لم يكن مرسلًا إليهم.... والقول الثاني بأنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الملائكة أيضًا، ورجحه الجلال السيوطي في الخصائص، والسبكي قبله، وزاد: أنه صلى الله عليه وسلم مرسل إلى جميع الأنبياء، والأمم السابقة، وزعم أن قوله صلى الله عليه وسلم: بعثت للناس كافة ـ شامل لهم من لدن آدم إلى قيام الساعة، ورجح هذا القول البارزي... انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني