الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن زوجة وبنت وأخ لأب وباع عقارا لابنته

السؤال

الرجاء حساب الميراث، بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(أخ من الأب) العدد 1
- للميت ورثة من النساء:
(بنت) العدد 1
(زوجة) العدد 1
- إضافات أخرى:
الموجود من تركة الميت بيتان: أحدهما: باعه في حياته لابنته، والآخر: ما زال على حاله.
والسؤال عن تقسيم البيت المتبقي، وما الحال في الأثاث، وغيره من الموجودات بالبيت الأول المباع للبنت، راجيًا توضيح نسبة ميراث كل وارث -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}، ولابنته النصف فرضًا؛ لقول الله تعالى في ميراث البنت الواحدة: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء:11}، والباقي لأخيه من الأب تعصيبًا؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.

فتقسم التركة على ثمانية أسهم: للزوجة ثمنها، سهم واحد، وللبنت نصفها، أربعة أسهم، والباقي ثلاثة أسهم، للأخ من الأب. وهذه صورتها:

جدول الفريضة الشرعية:
الورثة / أصل المسألة 8
زوجة 1
بنت 4
أخ من الأب 3

وكل ما خلّفه الميت من بيت، وأثاث، ونحوه، يقسم على هذا النحو، وما لا يمكن قسمته بينهم عمليًا، فإنه يباع، ويقسم ثمنه بينهم على تلك الأسهم.

وأما البيت الذي باعه لابنته، فإنه لا يخلو من أحوال:

أولها: أن يكون البيع حقيقيًا بثمن المثل، وليس فيه محاباة، فالبيع صحيح في هذه الحال، سواء وقع منه في حال الصحة، أم في مرض مخوف، قال النووي في الروضة: لو باع المريض ماله لوارثه، بثمن المثل، نفذ قطعًا. اهـ.

قال المرداوي في الإنصاف: إنْ كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ فِي الْمَرَضِ مَعَ غَيْرِ الْوَارِثِ، بِثَمَنِ الْمِثْلِ: صَحَّتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ وَارِثٍ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهـ.

ويقسم ثمن البيت -إن كان موجودًا- بين الورثة القسمة الشرعية.

الحال الثانية: أن يكون البيع صوريًا - كما يفعله بعض من يريد حرمان إخوته من الميراث- فهو في حقيقته هبة منه لابنته.

فإن كانت الهبة وقعت في مرضه المخوف، فإنها تعتبر في حكم الوصية، والوصية للبنت لا تصح؛ لأنها وصية لوارث، ولا تمضي إلا برضا الورثة.

فإذا لم يرض أخوه، أو زوجته بإمضائها، فإن له الحق في أخذ نصيبه من البيت، والزوجة مثله، ولا يكون البيت للبنت دونهما.

وإن وقعت الهبة في غير مرض مخوف، وحازت البنت البيت، وصارت تتصرف فيه تصرف المالك، فقد تمت الهبة، وصار البيت ملكًا للبنت، ولا حظ لبقية الورثة فيه؛ لأنه ليس من جملة تركة الميت.

الحالة الثالثة: أن يبيع البيت للبنت بيع محاباة، ومعناه أن يكون قد باعها البيت بأقل من ثمن المثل، وحاباها في ثمنه، فإن وقع هذا في حال صحته، فالبيع صحيح، وإن وقع في مرضه المخوف، فإن قدر المحاباة يكون بمنزلة الوصية، وقد تقدم ذكرها. وانظر الفتوى رقم: 241741 عن حكم ما باعه المورث قبل وفاته لبعض الورثة، ثم وصيته أن يقسم على جميع الورثة بعد موته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني