السؤال
قلتم: إن من لم يرد أن يوتر مع الإمام في صلاة التراويح لرغبته في صلاة التهجد؛ فإنه لا يسلم مع الإمام، ويقوم لصلاة ركعة زائدة"، ولديّ سؤالان في هذا الأمر:
ـ الإمام يصلي الوتر ثلاث ركعات على المذهب الحنفي، فإن قمت للرابعة تعارض هذا مع السائد في صلاة الليل وهو مثنى مثنى!
ـ هل تكون نيتي صلاة أربع ركعات متصلة سنة القيام ـ التراويح-؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام يوتر بثلاث ركعات، وأراد المأموم أن يزيد على صلاته، فله أن يواصل معه حتى يحصل على فضيلة القيام معه حتى ينصرف، ويقوم ويصلي مع الثلاث رابعة؛ لتشفع له وتر إمامه، ويصلي بعد ذلك ما تيسر، ويجعل آخر صلاته وترًا؛ قال ابن قدامة في الكافي: ومن أحب تأخير الوتر، فصلى مع الإمام التراويح، والوتر، قام إذا سلم الإمام، فضم إلى الوتر ركعة أخرى؛ لتكون شفعًا.
ولا نعلم فرقًا في النية بين ما شفع به وتر إمامه، وما صلى معه، فالجميع يكون بنية سنة قيام الليل، وإذا أراد الوتر فلا بد من إفراده بنية مستقلة، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ: الوتر صلاة مقيدة معينة، فهي صلاة وتر، وإذا كانت معينة، فلا بد فيها من النية.
والإشكال الذي أوردت من كون صلاة الليل مثنى... ليس واردًا عند الحنفية، فصلاة اليل عندهم مثنى... وأربًعا أربعًا في قول أبي حنيفة، ومن وافقه، فقد جاء في بدائع الصنائع للكاساني: وَأَمَّا فِي اللَّيْلِ فَأَرْبَعٌ أَرْبَعٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. واستدل له بحديث عائشة في الصحيحين: ما كان يزيد في رمضان، ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا. قال: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْأَرْبَعِ فَائِدَةٌ.
فالمهم أن يشفع وتر إمامه، سواء أو تر بواحدة أم بثلاث أم بخمس... فكل ذلك يصح به الوتر، كما جاء في الحديث: الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. رواه أصحاب السنن، إلا الترمذي، وتكلم فيه بعض أهل العلم في سنده.
وأيضًا لو أوتر مع إمام يوتر بواحدة، أو بثلاث... ثم أراد أن يصلي بعد ذلك ما تيسر له، فإنه يصلي ما شاء بدون وتر؛ قال الترمذي: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي الَّذِي يُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ آخِرِهِ... فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَا بَدَا لَهُ، وَلَا يَنْقُضُ وِتْرَهُ، وَيَدَعُ وِتْرَهُ عَلَى مَا كَانَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى بَعْدَ الوِتْر.
والله أعلم.