السؤال
أرجو أن توسعوا لي صدوركم لأحدثكم عن واقعة أتعرض لها:
كنت أرجو أن يكون رمضان مكفرة لذنوبي التي تعاظمت، وكنت قلقًا وخائفًا من أن أقابل هذا الشهر بحالتي هذه التي أنا فيها من سوء خلق وقلة طاعة، فعزمت أن أحافظ على الأعمال الصالحة في رمضان. ولكن في بداية رمضان أصابني نوع من الالتهاب في فمي اسمه (aphthous ulcer). وأنا أصلًا مبتلى بهذا النوع من الالتهاب، فربما أصاب به في الشهر بضع مرات، هذه المرة كان موضعه على سطح شفتي السفلى من الداخل قليلًا؛ حيث إذا أطبقت شفتاي انطباقًا طبيعيًّا لم تظهر، ولكن لاحظت في ثاني أيام الصيام أن الالتهاب يفرز مادة لزجة صفراء غامقة، لا تسيل ولكنها تستمر في الخروج من الالتهاب كأنها لزوجة تغلف الالتهاب فحسب، وكلما مسحتها وغسلتها استمرت في إفراز السائل بلا انقطاع، وها أنا في اليوم السادس لها ولم تنقطع أبدًا عن الإفراز، وإليكم أحوالي هذه الأيام فأفتوني بالصحة أو الفساد:
1- في البداية داومت على إخراج الريق أثناء الصيام لشكي القوى في اختلاطه بالسائل المذكور، وربما لمسته بلساني بالخطأ أو عمدًا، لكن في صلاة العصر غلبني الريق وتحرجت أن أبصقه في منديل أثناء الصلاة كما خفت الوسوسة بأن يصيب الريق ثوبي أو جلدي، فبلعته.
2- أصبحت أبلع الريق مع شكي القوي في اختلاطه بهذا السائل لأني وجدت أنه لا يتوقف، ويتمثل في مذاق مالح لا طعم له، ومع استشارة طبيب أخبرني أنه سيتوقف حين يشفى الالتهاب، وأنا أعلم من خلال خبرتي السابقة بهذا الالتهاب أنه سيستمر ليس أقل من أسبوع.
3- حتى في صلواتي كنت أحيانا أغسل فمي ثم أقف في الصف وأصلي غير مبال بما يستشعره لساني من ملوحة هذا السائل أو اختلاط السائل باللعاب (حسب ما أظن)، بل وفي الأيام الأخيرة أحيانًا لم أكن أغسله، وكنت آمل أن يكون معفوًّا عنه لمشقة إخراجه فهو لا يتوقف أبدًا.
4- في يوم كنت أغسل هذا الدمل ومضمضت ثم أخرجت الماء من فمي، ثم خرجت من دورة المياه فشعرت ببلل في فمي، فقلت في نفسي: "هذه وسوسة، أنا أخرجت الماء، ثم بلعت ريقي" ثم قلت لنفسي: "ولكن ربما لم أتخلص من بقايا الماء بالبصق"!
5- في صلاة العشاء في أحد هذه الأيام قمت إلى الصلاة فتجرعت قبلها بعض الماء فشعرت بطعم دم خفيف، فوضعت المنديل على الالتهاب فوجدت نقطتين من الدم تقريبًا بحجم سن الإبرة، فلم أفعل شيئًا وكبرت للصلاة مع الإمام، ولما انتهيت من الصلاة، شككت فنظرت في المنديل فلم أجد أثر الدم واضحًا، ولم أطل النظر في المنديل وبنيت على أن ذلك كان وسواسًا ولم أعد الصلاة، وهذا بجانب وجود السائل المذكور.
6- استخدمت أواني ومعالق البيت في الأكل وبالتأكيد كانت الملاعق تختلط بلعابي، وأيضًا تمر على الالتهاب نفسه الذي يفرز السائل، وكنت أغسل بعضها والبعض الآخر لم أستطع حصره، واختلطت الأكواب والأطباق والملاعق وسط الأطباق الأخرى في غسالة الأطباق، وغسالة الأطباق لا تغسل كل شيء بإتقان ولكن ربما غسلتهم. فما العمل في هذه المسألة وشفاه الأكواب التي اختلط بها لعابي لامست أرفف الغسالة أيضًا؟
7- أحيانًا كنت أعطس فيخرج من فمي رذاذ العطس الخفيف المتطاير، فأغسل ثيابي لأني لا أعرف أين ذهب الرذاذ، ولا أستطيع تحديد مكانه، حيث إن الرذاذ هو بالطبع من اللعاب، ولعابي متنجس باستمرار نتيجة عن اختلاط اللعاب مع الالتهاب المذكور بصفة مستمرة، فهو في شفتي. فهل هذا صحيح؟
8- حذرني الطبيب من العبث في هذا الالتهاب، فإذا جف هذا الالتهاب بأن جففته بمنديل أو منعت اللعاب عنه يصير يلصق في شفتي العليا، فيؤلم ألمًا شديدًا وكثيرًا ما ينزف الدماء، وحتى في النهاية حين جربت أن أبصقه في منديل أثناء الصلاة ابتل المنديل وبلل يدي وخرجت مرة من الصلاة والمرة الأخرى قمت بإعادتها. وإن تركت اللعاب يبلله أحس في اللعاب والله أعلم شيئًا مالحًا، وكون هذا السائل ليس له طعم يجعلني لست متأكدًا من شيء إذ ربما يتغير اللعاب لكن قليلًا فيكثر أو يقل.
9- قال الطبيب لي في اليوم السادس: "هذا ليس كالدم ولا الصديد، هو إفراز طبيعي كالمخاط فلا تشق على نفسك، وانسه، وإلا ما تفعله سيزيد من الالتهاب".
10- ما الواجب عليّ؟ وهل عليّ إثم الفطر وترك الصلاة الذي هو الكفر -والعياذ بالله- للتفريط والتقصير؟
ملحوظات:
- في البداية كنت أظن هذا السائل صديدًا ثم قيل لي بل هو مخاط (لأن الالتهاب ينمو على الخلايا المخاطية في الفم) وصليت بهذا الاعتقاد يومًا وصمت عليه، وفي النهاية قيل لي أنه سائل يسمى (Exudate) وبالعربية: النَضْحَة.
- وكأن الشيطان يعلم ضيق صدري بالأمر وخوفي وقلقي مما يحدث، فاشتدت عليّ وساوس الكفر -والعياذ بالله-، وكأني كنت أسمعه يقول: "أنت تدعو الله. لماذا تركك؟ لماذا لا يستجيب لك؟" وقتها تمنيت الموت، فهل هذا اختبار من الله؟
أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.