السؤال
عندي سؤال يحيرني جدًّا، وأرجو الرد عليه الآن:
ربنا يقول: مهما أخطأ العبد وأتى إليّ يستغفرني غفرت له ذنوبه. فلو التزم الإنسان وأصبح جيدًا فهل سيغفر له؟ ولماذا سيحاسب على أعماله وذنوبه يوم القيامة، وسيكون حريصًا على الحسنة التي ستدخله الجنة؟ فهل حينئذ ربنا سيحاسبه على ذنوبه التي كان عملها؟ أليس المفروض أن الله قال: غفرت له ذنوبه؟ وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا غفر الله لعبد لم يحاسبه على ذنوبه السابقة، ولكن قد يعرض عليه عمله -وهو الحساب اليسير-، ثم يدخله الجنة، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 115136.
وقد يغفر للعبد ذنوبه، ثم يتبع ذلك بمعاص أخرى، ولا يتمكن من التوبة قبل الموت؛ فليس معنى حصول المغفرة في وقت أنها متحققة دائمًا، فقد تقع منه المعصية بعد ذلك، ثم إن العبد لا يضمن المغفرة فقد تكون توبته ضعيفة، أو دخلها الرياء، ونحو ذلك.
وقد يتوب من بعض الذنوب، وينسى التوبة من غيرها، والحساب أمره عسير -نسأل الله أن يحاسبنا حسابًا يسيرًا-؛ قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا {الكهف:49}. عن الفضيل أنه كان إذا قرأها قال: ضجوا والله من الصغائر قبل الكبائر.
فليحذر المؤمن من احتقار ذنب ولو تاب منه؛ إذ لا يدري أصدق في توبته أم لا؟!
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 117260.
والله أعلم.