السؤال
تشاجرت مع صديقتي، بسبب إنسان كان يريد الزواج منها، ورفضه أهلها، بعد ذلك أبدى إعجابه لي، وهي طلبت مني أن أكمل معه؛ لكي أعلم ما يريد، ولكنها كانت تحبه لدرجة أنها أصبحت تغار مني عليه، وأثبتُّ لها أنه إنسان غير صادق، وابتعدت عنه، ولكنه استطاع أن يقنعها أنه صادق، وأنني تحايلت عليه لأوقع به، وهي كانت تحبه لدرجة الجنون، فصدقته، واستمرت بعلاقة طيبة معه، ومع والدته التي استطاعت إقناع أهلها به ليتقدم مجددًا لطلب يدها، وفي نفس الفترة قام هو بإرسال بعض الرسائل لي التي أجبته عنها، وعندما عقد قِرانه على صديقتي أعطاها هاتفه لتقرأ الرسائل، وظنت أنني أريد أن أمنعه من أن يتزوج بها، رغم أني أحبها، ولم أفكر بهذا الموضوع، ومنذ ذلك اليوم لا نتحدث معًا، ونحن لا نلتقي لأنني أسكن بمدينة، وهي تسكن في مدينة أخرى منذ زمن، ومع ذلك كنا نتحدث بالهاتف بين وقت وآخر، فهل هذا هو الخصام الذي يدخل في باب التحريم؟
وقد أنجبت طفلًا منذ مدة وجيزة (تقريبًا شهرين)، وكنت أفكر في إرسال رسالة مباركة، واعتذار، ولكني خائفة من رد فعلها؛ ولذلك قمت بصلاة الاستخارة عدة مرات، لكني لم أصل إلى نتيجة، أرجو منكم أن تنصحوني: ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن التدابر، والهجران فوق ثلاث؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
فإن لم يكن عليك ضرر في صلة هذه المرأة، ولم يكن في هجرها مصلحة شرعية، فلا يجوز لك هجرها، وزوال الهجر عند الجمهور يكون بمجرد السلام؛ قال ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام، وردّه. وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولاً. وقال أيضًا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام. وكذا قال ابن القاسم.
ونصّ بعضهم على أن المكاتبة، والمراسلة تكفي في زوال الهجر؛ قال الشيرازي -رحمه الله- في المهذب في فقه الإمام الشافعي: وإن كاتبه، أو راسله ففيه وجهان: أحدهما: لا يخرج من مأثم الهجران؛ لأن الهجران ترك الكلام، فلا يزول إلا بالكلام. والثاني: وهو قول أبي علي ابن أبي هريرة: أنه يخرج من مأثم الهجران؛ لأن القصد بالكلام إزالة ما بينهما من الوحشة، وذلك يزول بالمكاتبة، والمراسلة.
وإرسال هذه الرسالة لصديقتك للتهنئة، والاعتذار أقل أحوالها الاستحباب، ولا استخارة في مستحب، كما بين أهل العلم، فلا تستخيري في أصل هذا الفعل، ولكن لا بأس بالاستخارة في أمر إيقاعه في الوقت المعين، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 239488.
وننبه إلى خطورة العلاقات العاطفية قبل الزواج، وأنها بريد إلى الفساد، فيجب الحذر من ذلك، وانظري الفتوى رقم: 30003، والفتوى رقم: 4220.
والله أعلم.