الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخبار المرأة الرجل بحبها إياه وبقائها في العمل الذي يجمعهما

السؤال

إذا أحبت فتاة رجلا. هل يجوز أن تبوح له بذلك؟
وإن كانت ظروف العمل توجب عليهما التعامل معا، فكيف لها أن تتعامل معه، أم تترك العمل وكيف تتركه؟
أريد نصيحة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الحكم في العمل، في مكان يختلط فيه الرجال والنساء، اختلاطا محرما، هو عدم الجواز، إلا لضرورة، كأن لا يكون للمرأة مصدرُ دخلٍ غيرُه يكفيها لحاجات الحياة، وضرورتها التي لا بُّدَّ منها، لا من أبٍ، ولا من أخٍ، ولا من زوج، وأن يكون مع ذلك وفق الضوابط الشرعية، كما بيناه في الفتوى رقم: 166355، والفتوى رقم: 105835.

ومن الضوابط الشرعية الواجب مراعاتها عند وجود ضرورة العمل في هذا المكان، هو الالتزام بالحجاب الشرعي الكامل، بما يشمل تغطية الوجه عن الرجال، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ {الأحزاب:59}.

قال الإمام القرطبي في تفسير الآية: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكنَّ يكشفن وجوهَهُن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعيةً إلى نظر الرجال إليهن، وتشعبِ الفكرة فيهن، أمر اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم، أن يأمرَهُن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن... فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عزباً، أو شاباً. انتهى.

ثم إن كان هذا الرجل ممن ترضين دينه وخلقه -لا مجرد مظهره- فلا بأس أن ترسلي إليه شخصاً ثقةً، يخبره برغبتكِ بأن يتقدم لخطبتكِ من والدك، كما بيناه في الفتوى رقم: 108281.

ولا يجوز لكِ أن تبوحي له بحبكِ؛ فإن ذلك من مداخل الشيطان، ومدعاة للفتنة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.

ولكن ابعثي له من يخبره برغبتكِ في تقدمه لخطبتك من والدك، كما ذكرنا، كأن تبعثي مع الوسيط رقم هاتف والدك، أو أخيكِ، بل إن هذا قد يزيد من ثقته بكِ، وبحسن خلقك. وإن طلب أن تتعارفا قبل ذلك وجهاً لوجهٍ، أو عن طريق الهاتف.. فلا تقبلي.

فإن لم يستجب لعرضك فالذي ننصحكِ به هو أن تتركي هذا المكان، وتبحثي عن مكانٍ آخر للعمل إن كنتِ محتاجةً إليه، بالشروط التي قدمنا ذكرها؛ فإن ذلك أسلم لنفسك، ودينك، وعفتك. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني