السؤال
هل الملائكة رزقها الله النعم؟ ولماذا تقول يوم القيامة: ما عبدنا الله حق عبادته؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى هو المنعم، وما من مخلوق إلا وقد أنعم الله عليه من نعمه الظاهرة، والباطنة، والملائكة عباد الله المكرمون، خلقوا من نور، لا يأكلون، ولا يشربون، يعبدون الله تعالى بأنواع العبادات، كما قال سبحانه وتعالى: لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء:19-20}.
وقد من الله تعالى عليهم بذلك، وبنعمة الإيمان به، وكفى بها نعمة، فقال عنهم: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ {غافر:7}.
ومع ما وصفهم الله تعالى به من العبادة، والطاعة، وأن مِنهم مَن هو ساجد لله، لا يرفع رأسه منذ خلق، ومنهم من هو راكع، لا يرفع رأسه من الركوع منذ خلق إلى يوم القيامة، فإن قولهم: "سبحانك ما عبدناك حق عبادتك"؛ احتقارًا لعبادتهم، وأعمالهم في جنب الله تعالى؛ لأنه لا أحد يقدر أن يعبد الله تعالى حق عبادته، ويعرفه حق معرفته، ويتقيه حق تقواه، ويعظمه حق عظمته حقيقة، ولو عبد الله تعالى بكل ما يستطيع لما أدى أقل القليل من حقه سبحانه وتعالى؛ جاء في تفسير ابن كثير: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةً تُرعَد فَرَائِصُهُمْ مِنْ خِيفَتِهِ، مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْهُ دَمْعَةٌ مِنْ عَيْنِهِ إِلَّا وَقَعَتْ عَلَى مَلَكٍ يُصَلِّي، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، لَمْ يَرْفَعُوا رُؤوسَهُمْ، وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَلَائِكَةً رُكُوعًا، لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالُوا: سُبْحَانَكَ! مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. قال ابن كثير: إِسْنَاده لَا بَأْسَ بِهِ، انتهى. وراجع الفتوى رقم: 47317، والفتوى رقم: 246169.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني