السؤال
وجدت ذات مرة في سيارة أمي ورقة عنوانها حصن المحل، وفي وسطها آية الكرسي، وفي أطرافها بعض أسماء الله الحسنى، وكلمات غير مفهومة، مثل: أهياش، وقد سألت أمي، وأهل البيت عن مصدر هذه الورقة، فلم يعرفه أحد، علمًا أنها مكتوبة بخط الحاسوب، فما طبيعة هذه الورقة؟ وكيف يمكنني التخلص منها، أبحرقها أم ماذا؟ وهل لهذه الورقة تأثير عليّ؟ علمًا أنني خبأتها بين أدوات دراستي لأكثر من ثلاث سنوات. أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس لنا علم بطبيعة هذه الورقة، ولكنه يمنع استعمال الحجاب، والحصن المزعوم ما دام مشتملًا على ما لا يعقل معناه؛ لأنه لا يؤمن أن يكون فيه شرك، وقد حرم الشارع الرقية، والتحصن، والتعوذ بمثل ذلك، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفهم معناها؛ لأنها مظنة الشرك، وإن لم يعرف الراقي أنها شرك. اهـ من مجموع الفتاوى.
وفي فتح الباري لابن حجر (10/ 196): وقال ابن التين: الرقى بالمعوذات، وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى، فلما عز هذا النوع، فزع الناس إلى الطب الجسماني، وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المعزم، وغيره ممن يدعي تسخير الجن له، فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل، يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين، والاستعانة بهم، والتعوذ بمردتهم، ويقال: إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادق الشياطين؛ لكونهم أعداء بني آدم، فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت، وخرجت من مكانها، وكذا اللديغ إذا رقي بتلك الأسماء سالت سمومها من بدن الإنسان؛ فلذلك كره من الرقى ما لم يكن بذكر الله، وأسمائه خاصة، وباللسان العربي الذي يعرف معناه؛ ليكون بريئًا من الشرك، وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة، وقال القرطبي: الرقى ثلاثة أقسام: أحدها: ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه، فيجب اجتنابه؛ لئلا يكون فيه شرك، أو يؤدي إلى الشرك... اهـ.
بل التمائم كلها ممنوعة، ولو كانت من القرآن على الراجح، وانظر الفتوى رقم: 77557.
وأما عن تأثيرها فليس عندنا ما يجزم به في شأنها.
وننصحك بالتخلص من هذه الورقة بإتلافها بالحرق، أو التمزيق، فقد روى البخاري في صحيحه أن الصحابة لما كتبوا المصاحف أرسل عثمان إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة، أو مصحف أن يحرق.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح أنه لم ينكر ذلك أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فذكر عن مصعب بن سعد أنه قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال؛ لم ينكر ذلك منهم أحد. ونقل عن ابن بطال قال: في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار، وأن ذلك إكرام لها، وصون عن وطئها بالأقدام.. انتهى.
والله أعلم.