السؤال
أيهما كان أولا: النهي عن التصاوير، أم جواز لعب الأطفال بالتصاوير؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم، وقد ذكر بعض أقوالهم الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري حيث قال: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ صُوَرِ الْبَنَاتِ، وَاللَّعِبِ مِنْ أَجْلِ لَعِبِ الْبَنَاتِ بِهِنَّ، وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ اللُّعبِ لِلْبَنَاتِ؛ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرِهِنَّ عَلَى أَمْرِ بُيُوتِهِنَّ، وَأَوْلَادِهِنَّ. قَالَ: وَذَهَبَ بَعضهم إِلَى أَنه مَنْسُوخ، وإليه مَال ابن بطال، وَحكى عَن بن أَبِي زَيْدٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ لِابْنَتِهِ الصُّوَرَ، وَمِنْ ثَمَّ رَجَّحَ الدَّاودِيّ أَنه مَنْسُوخ. وَقد ترْجم ابن حِبَّانَ: الْإِبَاحَة لِصِغَارِ النِّسَاءِ اللَّعِبَ بِاللُّعَبِ، وَتَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ: إِبَاحَة الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ اللَّعِبَ بِالْبَنَاتِ، فَلَمْ يُقَيَّدْ بِالصِّغَرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ لِعَائِشَةَ فِي ذَلِكَ كَانَ قبل التَّحْرِيم، وَبِه جزم ابن الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: إِنْ كَانَتِ اللُّعَبُ كَالصُّورَةِ، فَهُوَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُسَمَّى مَا لَيْسَ بِصُورَةٍ، لُعْبَةً. انتهى.
وقد استظهر مؤلفو الموسوعة الفقهية، القول بأن الإذن بلعب الأطفال، كان متأخرا عن تحريم التصوير.
فجاء في الموسوعة: وقد نقل ابن حجر في الفتح عن البعض دعوى أن صناعة اللعب محرمة، وأن جوازها كان أولا، ثم نسخ بعموم النهي عن التصوير. ويرده أن دعوى النسخ معارضة بمثلها، وأنه قد يكون الإذن باللعب لاحقا. على أن في حديث عائشة -رضي الله عنها- في اللعب ما يدل على تأخره، فإن فيه أن ذلك كان عند رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، فالظاهر أنه كان متأخرا. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني