السؤال
لي صديق يستثمر الأموال في طرق مشروعة كالمطاعم والعقارات وغيرها وأضع معه معظم أموالي فهو يعطيني عائد ربح سنويا وليكن على كل 10000 ريال حوالي 2000 ريال، مؤخرا طلب مني أحد أقاربي استثمار أمواله هو أيضا مع هذا الصديق ولكنه لا يعلم العائد، فقلت له على كل 10000 ريال ستأخذ 1500 ريال وهو رضي بذلك، ولم أخبره بال 500 المتبقية كي آخذها كسمسرة لي أو عمولة لي، فما مدى حرمة هذه المعاملة؟ وإذا كانت هذه المعاملة محرمة كما فهمت من بعض أسئلة الموقع هل يجوز لي أن أخبره أن هناك وسيطا يأخذ 500 ريال دون أن يعرف شخصية هذا الوسيط وهو أنا؟ لأنني في غاية الإحراج منه لأنه كما ذكرت أحد أقاربي، علما بأنه رضي تماما عندما قلت له إن هناك وسيطا يأخذ ما هو أكثر من 1500 ريال لحسابه الشخصي.
المقصود: أنه ليس لديه أي اعتراض على وجود وسيط يأخذ أموالا، ولكن استشعاري الحرج منه يمنعني بمصارحته بأنني أنا الوسيط الذي سيأخذ الأموال أو الفرق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يحصل بينك وبين صديقك من قيامه باستثمار أموالك مقابل حصولك على مبلغ محدد سلفا غير مشروع، وانظر الفتوى رقم: 161621.
وعليه؛ فإنه يتوجب عليكما أن تصححا الطريقة التي تتفقان عليها وتلتزما بالضوابط الشرعية للمضاربة، ومنها عدم الاتفاق على ربح محدد لصاحب المال، وعدم ضمان رأس المال من العامل، وغير ذلك من الضوابط، وراجع في هذا الشأن الفتوى رقم: 192573 .
ثم إذا أردت أن تكون وسيطا بين قريبك وبين صديقك ليستثمر ماله عنده فلا بد أن يكون ما تتوسط فيه مشروعا، وقد علمت مما سبق أن الطريقة التي كنت تتبعها مع صديقك غير صحيحة، وبالتالي فلا يجوز أن تسعى في أي معاملة من ذلك القبيل بأجر أو بغير أجر.
لكن إذا أراد قريبك أن يجري مضاربة صحيحة مع صديقك وفق الضوابط التي سبقت فلا حرج في أن تسعى له في الأمر وتدله عليه مقابل أجر معلوم، قال البخاري: باب أجرة السمسرة: ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. اهـ ، وانظر الفتوى رقم: 133119.
وهنا لا بد أن يكون قريبك على علم بهذا المال الذي يدفع لأجل السمسرة، فإذا علم بذلك ورضي بدفعه فلا يظهر وجوب إخبارك له بأنك أنت من سيأخذه، لأنه قد رضي ببذله لمن يقوم بتلك الخدمة بصرف النظر عمن يكون، والجعل لا يشترط فيه تعيين العامل، والسمسرة من هذا الباب، قال الله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ {يوسف:72}.
وجاء في العدة شرح العمدة: باب الجعالة وهي أن يقول: من رد لقطتي أو ضالتي أو بنى لي هذا الحائط فله كذا، فمن فعل ذلك استحق الجعل . اهـ
وفي تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة: القارئ: ويجوز عقد الجعالة لعامل غير معين وعمل مجهول، فيقول من رد ضالتي فله كذا للآية، ولأن الحاجة داعية إليه مع الجهل فجاز كالمضاربة، ولا يجوز إلا بعوض معلوم لأنه عقد معاوضة فاشترط العلم بعوضه كالإجارة.
الشيخ: قوله (فله كذا للآية) ماهي الآية؟ الجواب هي قوله تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) فهو لم يعين العامل ولم يعين العمل لأنه لا ندري ما يأتي به. اهـ
والله أعلم.