السؤال
أنا شاب في 18 من عمري، أريد أن أصوم صومًا صحيحًا، أريد أن أصلي الفرائض بالمسجد، وبوقتها، وأريد أن أصلي النوافل، وأقوم الليل، وأريد أن أبكي لله، وأريد أن أقرأ القرآن كل يوم، وأريد ترك الأغاني والمسلسلات، وحتى المباريات، والتدخين، والعادة السرية، واللواط، والغيبة، والكذب، والغش. أريد الرجوع لله، والتذلل له، وأريد أن أبني قبري قبل أن أسكنه، وأريد أن أستعد للّيلة التي بكى منها العلماء، وشكا منها الحكماء، وأريد أن أترك الدنيا قبل أن تتركني، وأريد أن أتوب توبة نصوحًا، وأريد أن أتوب توبة ما بعدها توبة، وأريد أن أعيش كما يريد ربي، لكن هناك عائق بيني وبين هذه التوبة، وهو: رد الحقوق، والقضاء، وما شابهه، فأنا أتذكر أنني سرقت من أهلي بعض المال، لكن ليس بمبلغ كبير، فكيف أرده لهم؟ وماذا أقول لهم؟ حتى إذا قلت لي: "رده لهم بدون علمهم" فأنا من أين سيأتيني المال وأنا لا أشتغل؟! فأنا أدرس، ومصدري المالي الوحيد هو المنحة التي أُعطاها بالجامعة، والتي -وحسب علمي- لا يحق لي أن أشتري بها أي شيء، أو أفعل بها أي شيء، إلا شيئًا للجامعة، فكيف أرده لهم؟!
وأتذكر أنني سرقت شيئًا ولم يكن ثمينًا من ابن خالتي، ووضعته عندي، ثم لم أجده، ولا أعرف من أخذه، فكيف أرده له؟ وماذا أقول له؟!
وأتذكر أيضًا أني اقترضت مرة قبل حوالي 6 أو 7 سنوات من شخص مبلغًا بسيطًا جدًّا، ولم أرجعه له، وأنا الآن لا أستطيع أن أرده له، بل من المستحيل عليّ أن أرده له، فماذا أفعل؟
وأتذكر أنني مرة أنا وأصحابي ذهبنا إلى بيت، ولم يكن به أحد في ذلك الوقت، وأنا قد سرقت منه شيئًا، وليس ثمينًا أبدًا، ولم أسرقه إلا بداعي المزاح والفوضى، ويوجد أيضًا بعض المواقف الشبيهة من المواقف التي ذكرتها، فماذا أفعل؟
وماذا أفعل بالأيمان التي حلفتها، والتي لا تحصى؟ وأنا سمعت بأن كفارة الأيمان هي إطعام 10 مساكين، فأنا من أين سأجد المساكين؟ وبماذا سأطعمهم؟ وأنا مصدري من المال هو أهلي فقط، فمن غير المعقول، بل من المستحيل أن أقول لأهلي: "أعطوني مالًا سأشتري به طعامًا لمساكين"! وأنا مستعد أن أصوم أكثر عدد من الأيام.
وأنا حلفت على القرآن مرة بأنني لن أدخن، ورجعت ودخنت، وماذا أفعل بالصلوات التي تركتها؟! فأنا غير محافظ على الصلاة، فترة أصلي، وفترة أتركها، وأنا متأكد أنني إذا تبت توبة نصوحًا، وتحققت توبتي التي أريدها لن أترك الصلاة، وماذا أفعل بالأيام التي أفطرتها في رمضان؟ وأنا لم أكن أصلي في ذلك الوقت، بل وقلت كلامًا لا ينفع على الله والرسول في نهار رمضان من باب المزاح.
وماذا أفعل للناس التي اغتبتها؟ فأنا والله لا أستطيع أن أذهب إليهم وأقول لهم: "أنا اغتبتكم، وسامحوني".
أنا أريد أن أتوب الآن، والله يشهد عليّ أني أريد أن اتوب توبة من كل قلبي، وأريد أن أسأل هل إذا تبت بدون إرجاع الحقوق لأهلها وبدون القضاء، فإن توبتي ستكون غير مقبولة؟ ومهما فعلت من خير ومن أعمال صالحة (من صوم، وصلاة بخشوع، وقيام ليل، وغيرها) لن تكون بها أي فائدة؟
أرجوكم أفيدوني فأنا والله تعبت، أريد أن أتوب من كل قلبي، وأمامي حائط لا أستطيع تحطيمه، بل من المستحيل تحطيمه.