السؤال
كنت قد قرأت آية: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، وكانت قبلها جزء من الآية: (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق)، فكنت أصلي من أجل الآخرة فقط، وأذكر الله من أجل ثواب الآخرة فقط، إلا أن هناك أمورًا مثل أن يقول: من صلى صلاة الفجر فهو في ذمة الله. فكنت مثلًا أصلي الفجر معتبرًا أني في ذمة الله، وهذا أمر دنيوي، ولكن جاء في بالي أن ربي قد ذكر صنفين من الناس؛ صنفًا يريد الدنيا، وصنفًا يريد الجزاء في الدنيا والآخرة، فجاء في بالي أنه عندما أصلي يجب أن أتمنى ثوابًا في الدنيا أيضًا مع الآخرة، ولو تمنيت ثواب الآخرة فقط فأنا لا أعمل بما قاله القرآن.
ونفسي قد تعبت كثيرًا حيث اعتادت نفسي أن تفعل الأمر من أجل الآخرة، وأنا أحاول أن أجبر نفسي على أن أفعل العبادة منتظرًا ثواب الدنيا والآخرة.
أرجو أن يفهمك الله قصدي حتى يهديني بك -جزاك الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في طلب العبد النفع الدنيوي والأخروي، وإنما يذم من اقتصر على إرادة الدنيا، قال الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {هود: 15، 16}.
قال ابن كثير في تفسيره: من عمل صالحًا التماس الدنيا، صومًا، أو صلاة، أو تهجدًا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله: أُوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين. وهكذا روي عن مجاهد، والضحاك، وغير واحد. اهـ.
وقال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في القول المفيد شرح كتاب التوحيد: الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين -حسنى الدنيا، وحسنى الآخرة-; فلا شيء عليه؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: من الآية2-3]، فرغبه في التقوى بذكر المخرج من كل ضيق، والرزق من حيث لا يحتسب ... اهـ. فادع الله بخيرَي الدنيا والآخرة، كما في الآية: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {البقرة:201}. وراجع الفتوى رقم: 34469.
والله أعلم.