السؤال
أنا طبيب أطفال، وجاءت إلى المستشفى حالة تشنج، وتم التعامل معها على قدر المستطاع، وفي هذه الحالات نعطي حقنة في الوريد لكي توقف التشنجات، وتعطى هذه الحقنة بجرعة معينة وببطء... وبدوري أمرت الممرضة بإعطاء الجرعة المناسبة، ولكن الممرضة أعطتها بسرعة فائقة، ولم أقم بتحذيرها بأنها تُعطى ببطء، ومن مضاعفات هذه الحقنة أنها تؤدي إلى تثبيط الجهاز التنفسي، مما قد يؤدي إلى الوفاة، وهذا ما حدث مع الحالة، مع العلم أن الحالة في الأساس كانت سيئة نتيجة التشنجات، وهذا أثر جانبي بالنسبة لهذه الحقنة، وكان يجب أن يراعى أخذها ببطء، وأنا الآن في حالة اكتئاب بسبب هذا، وندمت على أنني لم أحذر الممرضة قبل إعطاء الحقنة، فهل أكون متسببا في الوفاة؟ وهل علي شيء؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر السؤال أن هذا الأثر الجانبي ـ تثبيط الجهاز التنفسي ـ من مضاعفات الحقنة ذاتها، وليس لعدم البطء في إعطائها، بمعنى أن هذا الأثر يمكن أن يحدث حتى ولو أعطيت الحقنة ببطء، ثم على افتراض العكس، فسوء الحالة أصلا نتيجة التشنجات يمكن أن يكون هو سبب الوفاة، ولذلك فلا يمكن الجزم بأن سرعة الممرضة في إعطاء الحقنة هو سبب الوفاة ليترتب على ذلك شيء من الأحكام، فضلا عن تحميل الطبيب مسئولية ذلك لمجرد أنه لم يحذر الممرضة من سرعة إعطاء الحقنة! ويتأكد هذا إذا كان العمل في التمريض يقتضي أن تكون الممرضة ملمة بطريقة حقن مثل هذه الأنواع من الحقن.
وعلى أية حال، فالأصل براءة الذمة، فلا تُشغَل إلا بأمر متحقق أو ظن غالب، قال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.
وعلى أية حال، فيمكن للسائل الرجوع لأساتذته وأهل الخبرة في مجاله لوصف الحالة وسؤالهم عن الظن الغالب في سبب الوفاة، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 196099، ورقم: 109416.
والله أعلم.