السؤال
قبل السؤال، أود أن أشكركم على المجهود الذي تبذلونه لخدمة المسلمين، فشكر الله لكم هذا العمل، وجعله خالصا لوجهه الكريم.
فضيلة الشيخ، أريد السؤال عن الذي يصلي قاعدا على الكرسي، مخافة خروج الريح: هل يلزمه الوضوء قاعدا؟ وكيف يفعل إن لم يجد مقعدا للوضوء (في العمل مثلا، أو في المسجد) هل يتوضأ قائماً حتى لو أدى ذلك لخروج الريح، ويأخذ حكم صاحب السلس؟
أخيرا لو سمحتم: هل الصلاة قاعداً واجبة في حقه، إن كان هناك احتمال أن تخرج الريح أثناء الركوع أو السجود؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 103521 أن من يخشى خروج الريح لو صلى قائما، فإنه يصلي قاعدا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا صلى قاعداً انحبست الريح؟ إن كان الأمر كذلك، فليصل قاعداً، وإن كانت لا تنحبس، فلا فائدة من القعود. اهـ.
وراجع كذلك للفائدة، الفتوى رقم: 170803.
ويرى بعض الفقهاء أنه يصلي قائما لا جالسا؛ لأن المحافظة على ركن القيام، أولى من المحافظة على شرط الطهارة.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته: قَالَ سَنَدٌ: يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ، وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ. اهـ.
وفي التاج والإكليل للمواق المالكي: قَوْلَهُ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، اسْتَشْكَلَهُ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ سَلَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِهِ رُكْنٌ. اهـ.
والمسألة من مسائل الاجتهاد، وليس فيها نص شرعي بخصوصها، فمن صلى قاعدا وحافظ على شرط الطهارة، وآثره على ركن القيام، فحسن، وقد رجحناه في فتاوى سابقة، ومن صلى قائما، فحافظ على ركن القيام، وآثره على شرط الطهارة، فقد قال بذلك بعض أهل العلم، والأمر واسع إن شاء الله.
ولم نجد كلاما لأهل العلم في وجوب الوضوء قاعدا، على من خشي خروج الريح أثناء الوضوء.
وهذا وننبه إلى ضرورة الحذر من الوساوس، ومن شعر بها، فعليه بالإعراض عنها، وعدم الاسترسال معها حتى لا تزداد، وانظر الفتويين: 3086 ، 51601 .
والله أعلم.