السؤال
أنا فتاة أبر بأمي وأبي، وعلى الرغم من أن لي إخوة، إلا أن أحدا منهم لا يهتم بهما لا ماديا، ولا معنويا، والحمد لله أنا ربي أنعم علي برضاهما، ورزقني لأعيلهما، وأهتم بهما، لكن عندي دائما شعور بأني مقصرة. عندي ذنوب كثيرة، لا أنكر، ولكني تبت إلى الله منها إن شاء الله. وأنا منذ تبت إلى الله، لا أكف عن البكاء، وعندي خوف عظيم من عذاب الله لي. عندي إحساس دائم بأن أجلي قد دنا، وأن الله سيعاقبني على أعمالي. ولكن برغم خوفي من عذاب الله، إلا أنني أتمنى أن يعجل بأجلي حتى ألقاه وأراه، وفي نفس الوقت أخاف من أن أترك أمي وأبي.
سؤالي لكم: هل سيغفر الله لي ذنوبي مهما كانت؟ وهل أستطيع أن أفعل المزيد من أجل إسعاد أمي وأبي أكثر؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتوبة الصحيحة تمحو ما قبلها، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، فما دمت تائبة، فأبشري بقبول التوبة، وعفو الله عنك إن شاء الله، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25].
وبرّك بوالديك، وحرصك على المزيد منه، توفيق من الله، يدل على قبول توبتك، فمن علامات قبول التوبة صلاح العبد بعدها.
قال ابن القيم -رحمه الله-: فَالتَّوْبَةُ الْمَقْبُولَةُ الصَّحِيحَةُ لَهَا عَلَامَاتٌ. مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلَهَا. اهـ.
فاجتهدي في بر والديك والإحسان إليهما، وباب الطاعة واسع بفضل الله، فمهما قدمت لهما من خير بالقول، أو الفعل -ولو يسيراً- فإنّ الله لا يضيع أجرك، بل يثيبك عظيم الأجر على قليل العمل.
واعلمي أنّ على العبد أن يوازن بين الخوف والرجاء، وهما يُحمدان بالقدر الذي يحمل العبد على الكف عن المعاصي، والاجتهاد في الطاعات، أما الخوف الذي يقنط العبد من رحمة الله، أو الرجاء الذي يجرّئ العبد على المعصية، ويقعده عن الطاعة، فكلاهما مذموم، فأقبلي على ربك، وأحسني الظن به، فهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول:" أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.