السؤال
بعد وفاة صديقة أختي بمرض السرطان، أصبت بحالة حزن وإحباط شديدة جدًّا جدًّا، حتى أصبحت أفكر في عدم جدوى الحياة، وتنتابني وساوس كثيرة حول جدوى الحياة، وأقول: ما فائدة الحياة الآخرة، حتى لو كانت في الجنة؟
أعلم أنها وساوس، ولكن كيف أتخلص منها، وأعود لطبيعتي المليئة بالأمل بالله، وحب الدين الحنيف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما يصيب الإنسان من الحزن، فإنه لا يؤاخذ به، ولكن لا ينبغي له الاستسلام لهذا الحزن، والاسترسال معه، بل عليه أن يدفعه ما أمكن، ولتنظر الفتوى رقم: 167119.
فعليك أن تصبري لحكم الله، وتستسلمي لقضائه وقدره، وتدفعي عنك هذا الحزن، ومما يعينك على دفعه: أن تعلمي أن ما عند الله خير وأبقى.
وأن ما أصاب هذه المرأة من المرض، خير لها، وأعظم لأجرها إن كانت صبرت واحتسبت، وما أعده الله لها من المنزلة العالية، مما يوجب الفرح بما صارت إليه، وأنه يرجى أن يكون لها عند الله منزلة الشهداء؛ لما نالها من الألم، والضر في هذا المرض، ولتنظر الفتوى رقم: 152475.
ومما يدفع عنك الحزن كذلك: أن تعلمي أن قدر الله لا مرد له، وأن من رضي فله الرضا، وقدر الله ماض، ومن سخط فله السخط، وقدر الله ماض، وأن المؤمن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن من احتسب صفيه، أو حبيبه عند الله تعالى، فليس له جزاء إلا الجنة.
ومما يدفع الحزن كذلك: مجاهدة النفس على فعل الطاعات، والتزود من الأعمال الصالحات؛ فإن هذا من أعظم ما يجلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.
كما يعين على ذلك: لزوم ذكر الله على كل حال؛ فإنه سبب طمأنينة القلوب، وانشراح الصدور، كما قال تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
كما يعين على ذلك أيضًا: الاجتهاد في الدعاء بأن يذهب الله عن العبد الحزن، والألم.
وأما هذه الوساوس، فلا تضرك، ولا تؤثر في إيمانك، واجتهدي في مدافعتها، والإعراض عنها، واعلمي أن الجنة هي دار النعيم الكامل، والأنس التام، وأن أهلها لا يصيبهم فيها نصب، ولا حزن، كما قال تعالى حكاية عنهم: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ {فاطر: 34-35}.
والله أعلم.