السؤال
جلست قبل فترة وجيزة مع أحد مشايخ الفقه... وتحدثنا... فقلت له ابن عثيمين وابن باز والألباني وتلميذه مشهور حسن، فقال لي عندك تخبط في سلم دراسة العلم، فكيف تسمع للألباني وتلميذه مشهور، ومن جهة أخرى لابن عثمين وابن باز، فقلت له وما بها؟ فقال إن الألباني وتلامذته: لا مذهب لهم ـ وليسوا على مذهب الحنابلة أو الشافعية أو... فهم يحكمون على ظواهر النصوص وليس عندهم أصول كابن عثيمين وابن باز، وعندما رجعت إلى البيت قلت في نفسي الأفضل لي أن لا أسمع للشوكاني والصنعاني لأنه لا مذهب لهما بل يذكران أقوال المذاهب الأربعة حسب الأدلة الشرعية، وأنا أرى أن هذا الأسلوب هو أقرب الأساليب إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفقد ثقتي بفقه الألباني وتلامذته... فهل هذا صحيح وما مدى قوة قوله؟ فأنا لم أقتنع بقوله كثيرا، ومع هذا أحدث شبهة في قلبي من جهة الألباني وتلامذته رحمه الله ـ وقال لي إن نظام التدريس السعودي ليس بجيد، لأنه يبدأ بالتوحيد: بقراءة الأصول الثلاثة والقواعد الأربعة ونواقض الإسلام وغيرها من الكتب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ من أجل علماء العصر، وهو من كبار المحدثين، ومن خدموا السنة النبوية في هذا الزمن، وله بالفقه عناية وله فيه نظر، وهو وإن لم يكن متمذهبا بمذهب أحد من الأئمة إلا أنه يرجح ما يظهر له من حيث الدليل، ولا يكاد يخرج على المذاهب المتبوعة المعروفة إلا في القليل من المسائل، ومن ثم فلا حرج في تقليده والعمل بفتواه إلا ما علم أنه شذ فيه وخالف الإجماع، ولكن الدراسة الحقيقية للفقه لا تتأتى من خلال كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ وإنما يتسنى ذلك من خلال العناية بمذهب من المذاهب المعتبرة التي تقررت أصولها، ومهدت طرق دراستها وفهمها، فإن أردت الاشتغال بالمذهب الحنبلي، فمن أحسن ما تبدأ به هو كتب العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وشروحه، فإنها محكمة متينة فيها سهولة لفظ، وحسن عرض، ودقة في شرح المذهب، وللشيخ اختياراته المعروفة المبنية على نظره في الدليل كذلك، والحاصل أنه لا حرج عليك في تقليد الألباني ـ رحمه الله ـ ولكن إن أردت دراسة الفقه دراسة منهجية فعليك بدروس وتصانيف الشيخ ابن عثيمين ففيها نفع كبير.
وأما التقليل من أهمية دراسة التوحيد فخطأ عظيم، والزعم بأنه لا فائدة منه خلل في الفهم والتصور، فإن توحيد الله تعالى ومعرفته بأسمائه وصفاته أعظم مقاصد بعثة الرسل عليهم السلام، وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه أن يوحدوا الله، ودلائل هذا الأصل وأهميته من الكثرة بمكان.
والله أعلم.