السؤال
جزاكم الله خيرًا على كل ما تقدمونه للمسلمين. كثر في مجتمعاتنا السحر والشعوذة، ونجد بعض الإخوة يتخصصون في الرقية، ويدعون للتوحيد وترك الشرك، ويضعون بطاقات إشهار عند الناس، ولافتات إشهارية فيها الرقية الشرعية، ويخصصون وقتهم كله للرقية، رغم ذلك تكثر عليهم الحالات، وفي المقابل كثرت الشعوذة والسحر، وضل بعض الناس الجاهلين عن دينهم، وترددةا عليهم، فهل من تخصص في الرقية الشرعية مبتدع، كما يحتج البعض بقول العلامة الألباني -رحمه الله-؟ وما حكم التصدر كأن يقوم الراقي بالإشهار؟ وهل فتح محل للرقية والطب البديل بدعة؟ وهل التداوي بالإبر الصينية محرم -كما نسمع من البعض-؟ وما حكم من يشترط أجرة ولو كانت كبيرة أو صغيرة على المريض عند الشفاء؟ وما رأيكم في من يقول: إنه لا يجوز إن كنت متصدرًا أن تشترط أجرة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن اشتغال الإنسان بالرقية الشرعية مشروع، كما يدل حديث أبي سعيد الخدري في البخاري، وحديث: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل. رواه مسلم.
وقد أفتى الشيخ ابن جبرين بجواز التخصص فيها، وجوز الشيخ ابن باز أخذ الأجرة عليها، فقد سئل ـ رحمه الله ـ فقيل له: نسمع عن بعض المعالجين بالقرآن يقرؤون قرآنًا وأدعية شرعية على ماء أو زيت طيب لعلاج السحر، والعين والمس الشيطاني، ويأخذون على ذلك أجرًا، فهل هذا جائز شرعًا؟ وهل القراءة على الزيت أو الماء تأخذ حكم قراءة المعالج على المريض نفسه؟
فأجاب: لا حرج في أخذ الأجرة على رقية المريض؛ لما ثبت في الصحيحين: أن جماعة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وفدوا على حي من العرب فلم يقروهم ـ أي: لم يضيفوهم ـ ولدغ سيدهم، وفعلوا كل شيء، لا ينفعه، فأتوا الوفد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فقالوا لهم: هل فيكم من راق فإن سيدنا قد لدغ؟ فقالوا: نعم, ولكنكم لم تقرونا، فلا نرقيه إلا بجُعْلٍ ـ أي: أجرة ـ فاتفقوا معهم على قطيع من الغنم, فرقاه أحد الصحابة بفاتحة الكتاب، فشفي، فأعطوهم ما جعل لهم، فقال الصحابة فيما بينهم: لن نفعل شيئًا حتى نخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا المدينة أخبروه صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: قد أصبتم ـ رواه البخاري ومسلم.
ونكتفي بهذا، ونرحب بالباقي في رسالة أخرى، التزامًا منا بنظام الموقع، من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة، يجاب السائل عن الأول منها فحسب.
والله أعلم.