الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت مؤسسة الإقراض تتملك الجهاز تملكا حقيقيا، بحيث يدخل في ضمانها، ثم تبيعه عليك، فهذه المعاملة من باب بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو بيع جائز في الجملة، إذا ضبط بالضوابط الشرعية.
وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بذلك، ونصه:
أولاً: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء، إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي، ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع، وانتفت موانعه.
ثانياً: الوعد -وهو الذي يصدر من الآمر، أو المأمور على وجه الانفراد- يكون ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقاً على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة، إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً، بسبب عدم الوفاء بالوعد، بلا عذر.
ثالثاً: المواعدة -وهي التي تصدر من الطرفين- تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة، تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع، حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي عن بيع الإنسان ما ليس عنده. اهـ.
وأما إن كانت مؤسسة الإقراض إنما تسدد الثمن عن طالب الهاتف، للشركة صاحبة الهواتف، ثم تستوفي ذلك بزيادة، فهذا قرض ربوي، لا يجوز.
وهنالك مسألة أخرى: لو فرض أن شركة الإقراض تشتري الهاتف فعلا من الشركة، فلا يجوز لها أن تبيعك الجهاز قبل أن تقبضه -ولو كانت قد اشترته، وتملكته-، وإن كان بعض العلماء يرى أن القبض غير مشترط في بيع الجوالات، وشبهها مما ليس بطعام. وانظر الفتوى رقم: 117041، والفتوى رقم: 60275.
وأما قولك: (قمت بعمل اتفاق فعلي، وليس وهميا مع الشركة التي ستبيعني الهاتف، بتخفيض ثمن الهاتف، بحيث تصبح قيمته بعد الفائدة التي ستضعها المؤسسة الأخرى، بنفس سعر الدفع الفوري، أي 4400 مع التقسيط لمدة عام) ففيه غموض، لكن ينبه هنا إلى ما جاء في المعايير الشرعية المعيار رقم 8: يجوز للعميل أن يحصل على عروض بأسعار السلعة، سواءً كانت موجهة باسمه الخاص، أو خالية من التوجيه، وعند ذلك تعتبر إرشادية، وليس لها صفة الإيجاب، ويفضل أن تكون تلك العروض باسم المؤسسة؛ لتعتبر إيجابا من البائع، يظل قائما إلى انتهاء المدة المحددة فيه، فإذا صدر جواب بالقبول من المؤسسة، انعقد البيع تلقائيا بينها وبين البائع.
- إذا صدر من العميل جواب بالقبول على إيجاب البائع الموجه إليه خاصة، أو الخـالي من أي توجيه، ففي هذه الحالة لا يجوز للمؤسسة إجراء عملية المرابحة للآمر بالشراء.
- يجب إلغاء أي ارتباط عقدي سابق بين العميل الآمر بالشراء، والبائع الأصلي إن وجد، ويشترط أن تكون هذه الإقالة من الطرفين حقيقة وليست صورية، ولا يجوز تحويل العقد المبرم بين العميل والمصدر، إلى المؤسسة. اهـ.
وعليه؛ فلا بد من مراعاة هذه المعايير الشرعية في بيع المرابحة للآمر بالشراء. وللمزيد، انظر الفتوى رقم: 182329.
وأما قولك: (وإذا لم يجز شرعا: في حال اتفاقي مع مؤسسة الإقراض على أن يتم تسليم هذا الهاتف من طرفهم لي، دون ذهابي للشركة التي اتفقت معها على مواصفات الهاتف.) فهذا هو الأولى أن يتولى المأمور بالشراء -مؤسسة الإقراض- شراء السلعة بنفسها، أو وكيلها غيرك، ولو وكلتك في ذلك عند الحاجة الملحة، فلا حرج إن شاء الله.
جاء في المعايير الشرعية: الأصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع، ويجوز لها تنفيذ ذلك عن طريق وكيل غير الآمر بالشراء، ولا تلجأ لتوكيل العميل (الآمر بالشراء) إلا عند الحاجة الملحة, ولا يتولى الوكيل البيع لنفسه، بل تبيعه المؤسسة بعد تملكها العين. انتهى.
وأما سؤالك: (هل يجوز أن يذهب معي مندوب هذه المؤسسة؛ ليستلم هو الجهاز، ويعطيني إياه بعد توقيع العقد؟ )
فالجواب: أنه يصح أن توكل المؤسسة مندوبا منها لقبضه للسلعة، وبيعها لك بعد ذلك، فالوكيل قائم مقال الموكل.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: فإن الوكالة تقتضي أن يقوم الوكيل مقام الموكل. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 284032.
والله أعلم.