السؤال
ما الأفضل للمسلم: تجميع المال لبناء بيت، أو صرفه في وجوه الخير بسرعة كالحج والزواج؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن شروط وجوب الحج الاستطاعة؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
والمراد من الاستطاعة المالية للحج أن يفضل عند الشخص ما يكفيه للحج، بعد قضاء الديون، والنفقات الشرعية، والحوائج الأصلية, ومن الحوائج الأصلية السكن, ولا يشترط أن يكون ملكا، بل من قدر على الاستئجار، وفضل عنده ما يحج به، وجب عليه الحج في المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 109570.
وعلى هذا، فإذا كان السائل لم يحج حجة الفرض, وتوفرت لديه الا ستطاعة على النحو الذي ذكرنا, فيجب عليه تقديم الحج؛ لأنه واجب على الفور، على القول الصحيح, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 332317
وبخصوص الزواج: فيجب تقديم الحج عليه، إلا إذا احتاج له الشخص، بحيث خشي على نفسه الفاحشة.
جاء في المغنى لابن قدامة: وإن احتاج إلى النكاح، وخاف على نفسه العنت،( المشقة ) قدم التزويج؛ لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كنفقته، وإن لم يخف، قدم الحج؛ لأن النكاح تطوع، فلا يقدم على الحج الواجب. انتهى.
وجاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز تأجيل الحج إلى ما بعد الزواج للمستطيع، وذلك لما يقابل الشباب في هذا الزمن من المغريات والفتن، صغيرة كانت أم كبيرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا شك أن الزواج مع الشهوة، والإلحاح، أولى من الحج؛ لأن الإنسان إذا كانت لديه شهوة ملحّة، فإن تزوجه حينئذ من ضروريات حياته، فهو مثل الأكل والشرب، ولهذا يجوز لمن احتاج إلى الزواج، وليس عنده مال، أن يُدفع إليه من الزكاة ما يزوج به، كما يعطى الفقير ما يقتات به، وما يلبسه، ويستر به عورته، من الزكاة.
وعلى هذا نقول: إنه إذا كان محتاجاً إلى النكاح، فإنه يقدم النكاح على الحج؛ لأن الله سبحانه تعالى اشترط في وجوب الحج الاستطاعة، فقال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) أما من كان شاباً، ولا يهمه أن يتزوج هذا العام، أو الذي بعده، فإنه يقدم الحج؛ لأنه حينئذ ليس في ضرورة إلى تقديم النكاح. والله الموفق. انتهى.
وإذا كان الحج تطوعا, وكنت محتاجا إلى اقتناء مسكن, فمن الأفضل جمع مال لبناء مسكن, وراجع الفتوى رقم: 272662, وهي بعنوان: المفاضلة بين الحج وشراء كتب العلم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني