السؤال
يوجد شخص مريض مرض الشهوات، وقد قرأ في بعض الكتب أن علاجه في قراءة القرآن بتدبر، ويقرأ القرآن لكن لم يتم شفاؤه، فما هي طريقة علاج مرض الشهوات بالقرآن الكريم؟ وما هي مدة العلاج حتى يشفى من هذا المرض؟ وما هو مقدار قراءة القرآن؟ وما هو التفسير المقترح لكي يشفى من مرضه؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن شفاء لأمراض القلوب والأبدان، كما قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ {فصلت:44}. وقال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82}.
وليس للاستشفاء به حد معين ينتهي إليه، بل مهما أكثر العبد من قراءة القرآن بحضور قلب وتدبر حصل له مراده من الاستشفاء به ـ بإذن الله ـ وليعلم أن قراءة القرآن بتدبر وفهم وحضور قلب من أعظم مذهبات أمراض الشهوات؛ لما اشتمل عليه القرآن من التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة، فليكثر هذا الشخص من ذلك وسينال مقصوده ـ بإذن الله ـ وليستعن على التعافي من هذا المرض باستحضار حقارة الدنيا وضآلتها، وسرعة فنائها، وقلة وفائها، وكثرة جفائها، وخسة شركائها، وأن كل ما فيها من الشهوات لو ناله وحصله بوجه محرم فإنه ينساه بمجرد غمسة في جهنم ـ والعياذ بالله ـ وليستحضر بقاء الآخرة ودوامها وليعلق قلبه بها عالما أن الشهوات لا تنال على وجهها من الكمال وتمام اللذة وزوال المنغص إلا في الجنة حيث النعيم المقيم والخلود السرمد، وأما الدنيا فإنها دار كدر وتنغيص، لا تصفو لأحد فيها لذة، وأن اللذة والشهوة تفنى إذا أدركها العبد بطريق محرم ثم تبقى تبعتها وإثمها وعارها لازما للعبد، وليشعر نفسه دائما مراقبة الله تعالى واطلاعه عليه فيخشى أن يراه على ما يكره ويطلع من قلبه على إيثار العاجلة على الباقية، وليأخذ من الشهوات المباحة ما يستغني به عن الفكر فيما حرم الله عليه، فإن فيما أباحه الله غنية ـ والحمد لله ـ وليجتهد في حراسة خواطره، فإن هذا باب عظيم من أبواب المجاهدة وزيادة الإيمان، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 150491.
نسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا أجمعين.
والله أعلم.