الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من سب الدين، وحكم توليه عقد النكاح

السؤال

أنا شاب متزوج منذ عامين، عقدت على زوجتي التي والدها يسب الدين، ويسب الله عز وجل عندما يغضب، ولكنه يصلي، وعقد لنا مأذون يعمل بالأحكام الوضعية.
فهل هذا يؤثر على صحة النكاح؟
وبعد ستة أشهر دخلت بها، وطيلة الأشهر الستة كنت غير ملتزم بالصلاة، حيث أصلي يوما، وأقطع شهرا، وكذلك زوجتي، وكنت أتفوه بكلمات مسيئة لله ولدينه، قد تصل أحياناً لحد الشتم، لكن لا أذكر شتما صريحا، وكنت أجهل حكم هذه المسألة، وأحلف بغير الله، ولم أكن أعلم أن هذا الكلام يلزم منه تجديد عقد النكاح. وبعد الدخول بزوجتي بقيت شهرين غير ملتزم، وعلى نفس حالتي قبل الدخول في كل شيء، ولكن بعد هذين الشهرين أصبحت أصلي دائماً، ولكن بقيت أتكلم بما يسيء لله، ولدينه، جهلاً بالأحكام، ولكن بعد شهرين أيضاً أصبحت إذا صدر مني هذا الكلام دون قصد بسبب اعتياد لساني عليه سابقا، أستغفر، وأندم بشدة.
ومرة سمعت زوجتي تتكلم بمثل هذا الكلام، وتسب الدين، فنهيتها، وأسمعها تحلف بغير الله فأنهاها، فتستغفر.
وبعد ذلك منَّ الله علي بالتوبة، ورزقت بطفل لله الحمد، وزوجتي كانت معقودا عليها من شخص آخر قبل أن أتزوجها أنا، ولكن لم يتفقا ولم يدخل بها، وتم فسخ العقد. وبعد أن تزوجتها سألتها ما إذا طلقها أم لا؟ لأن الجهل عندنا سائد، والبعض يظن أنه لا حاجة للطلاق إذا لم تحصل الدخلة، فقالت: نعم، وقصت علي أن أهله أخبروا عمتها أن الشاب تكلم مع الشيخ الذي عقد قرانه، وطلق أمامه.
فهل أجبرها أن تسأل أهلها مجدداً، ونتحقق؟ وهل سؤالي هذا فيه ضرر بعقد زواجي أنا؛ لأني موسوس، ولا أستطيع أن أتلفظ باسم الطلاق، فضلاً عن التكلم بخصوصه مع زوجتي، وبهذه الطريقة.
أستحلفكم بالله أريد جوابا واضحا وشافيا، وبأسرع وقت، أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن سب الرب تعالى، أو سب دينه، من عظائم الأمور، ومن مجامع الشرور، بل هو كفر بالله، وردة عن دينه والعياذ بالله. ومهما بلغ المسلم في الجهل ما بلغ، فلا يسعه أن يجرؤ على هذا الفعل الشنيع، أو يتلفظ لسانه بهذا الرجس من القول، ولكنها الغفلة، وعدم المبالاة بعظمة الخالق، وعظمة هذا الدين الذي أنزله، وإلا فكيف يتصور أن يكون هذا الأمر عادة لأبي هذه الفتاة، إذا غضب سب الله، أو سب دينه، ثم إن الغضب لا تسقط معه أهلية التكليف، إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، وراجع فتوانا رقم: 33915، وهي عن ساب الدين بسبب الجهل، أو الغضب. والحاصل هو أنه لا عذر له، ولا عذر لك، أو لزوجتك فيما أقدمتم عليه من هذه الكبيرة المقتضية للردة.

وعلى وجه العموم، لا يصلح المرتد وليا في النكاح، فيبطل النكاح الذي يكون فيه وليا.

وأما بخصوص حالتك هذه: فلا نستطيع الجزم فيها بصحة النكاح من عدمه، فالأولى أن تراجع المحكمة الشرعية - إن وجدت - فإن لم توجد، فما يقوم مقامها كالمراكز الإسلامية؛ ليتبين حقيقة ما كان يتلفظ به، وما إن كان يقتضي ردته أم لا.

وفي الختام ننبه إلى ما يلي:

أولا: أن ترك الصلاة ذنب عظيم، حتى أن بعض أهل العلم ذهب إلى كفر تاركها ولو تهاونا، والجمهور على عدم كفره، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 68656.

ثانيا: أنه لا يلزمك تكلف البحث عما إذا كانت هذه المرأة قد طلقت أم لا؟ إذا كان معروفا أن هذا العقد قد فسخ، أو طلق الزوج.

ثالثا: مجرد كون هذا المأذون يعمل في القوانين الوضعية، لا يؤثر على العقد إذا تم على الوجه الصحيح. ولا يتعين في عقد الزواج أن يتم عن طريق المأذون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني