السؤال
هل يجب عليّ قبل أي عمل -واجبًا كان، أو مباحًا- أن أستحضر نية احتساب الأجر؟ وإذا فعلت العبادة الواجبة، دون استحضار نية الامتثال، فهل أوجر عليها؟
هل يجب عليّ قبل أي عمل -واجبًا كان، أو مباحًا- أن أستحضر نية احتساب الأجر؟ وإذا فعلت العبادة الواجبة، دون استحضار نية الامتثال، فهل أوجر عليها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الشخص إذا أراد فعل عبادة, أو أمر مباح، أن يستحضر نية الاحتساب, والاحتساب هو مرادف الإخلاص لوجه الله تعالى، لا فرق بينهما، فمن نوى بعمله نية صالحة، فقد احتسبه عند الله تعالى، قال العراقي في طرح التثريب، تعليقًا على حديث: من صام رمضان إيمانًا, واحتسابًا: وقوله: واحتسابًا: أي طلبًا لمرضاة الله تعالى وثوابه، لا بقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص.
والاحتساب من الحسب، وهو العد، كالاعتداد من العد، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: احتسبه؛ لأن له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به. انتهى.
ومن لم ينوِ الاحتساب في بداية العبادة, فإنه لا ينال ثوابها, كما تقدم في الفتوى رقم: 120085.
وينبغي استحضار نية الاحتساب عند الشروع في أي عبادة أراد المسلم الإقدام عليها، جاء في بستان العارفين للإمام النووي: اعلم أنه ينبغي لمن أراد شيئا من الطاعات، وإن قلَّ، أن يحضر النية، وهو أن يقصد بعمله رضا الله عز وجل، وتكون نيته حال العمل، ويدخل في هذا جميع العبادات من الصلاة، والصوم، والوضوء، والتيمم، والاعتكاف، والحج، والزكاة، والصدقة، وقضاء الحوائج، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وابتداء السلام ورده، وتشميت العاطس، وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، وإجابة الدعوة، وحضور مجالس العلم والأذكار، وزيارة الأخيار، والنفقة على الأهل والضيف، وإكرام أهل الود وذوي الأرحام، ومذاكرة العلم والمناظرة فيه، وتكراره، وتدريسه، وتعليمه، ومطالعته، وكتابته، وتصنيفه، والفتاوي، وكذلك ما أشبه هذه الأعمال، حتى لا ينبغي له إذا أكل، أو شرب، أو نام إلا أن يقصد بذلك التقوي على طاعة الله، أو راحة البدن للتنشيط للطاعة. انتهى.
ويمكن للشخص أن ينوي أكثر من نية واحدة، قال النووي أيضًا: وكذلك إذا أراد جماع زوجته، يقصد إيصالها حقها، وتحصيل ولد صالح يعبد الله تعالى، وإعفاف نفسه، وصيانتها من التطلع إلى حرام، والفكر فيه، فمن حرم النية في هذه الأعمال، فقد حرم خيرًا عظيمًا كثيرًا، ومن وفق لها، فقد أعطي فضلًا جسيمًا، فنسأل الله الكريم التوفيق لذلك، وسائر وجوه الخير، ودلائل هذه القاعدة ما قدمناه من قول رسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني