السؤال
كيف نقنع المسلم أو غير المسلم بأنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالتحريم بالرضاعة ثابت بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين. قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ[النساء:23]. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة. متفق عليه. وأجمع المسلمون على أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب. قال في المغني: وأجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاعة. اهـ وعليه، فمن كان مسلمًا لا يسعه إلا الإذعان لهذا الحكم ظاهرًا وباطنًا، ولو لم يعلم الحكمة من ورائه. قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[الأحزاب:36]. وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[النساء:65]. أما غير المسلم فلا معنى لإقناعه بهذا الحكم ولا فائدة فيه، مادام أنه يكفر بالله آمرًا وناهيًّا ومشرعًا عليما حكيمًا. ومع ما تقدم فإن حكمة التحريم بالرضاع ظاهرة. يقول العلامة أحمد الدهلوي في كتاب "حجة الله البالغة": ...فإن التي أرضعت تشبه الأم من حيث إنها سبب اجتماع أمشاج بنيته وقيام هيكله، غير أن الأم جمعت خلقته في بطنها، وهذه - أي المرضعة - درَّت عليه ما يسد رمقه في أول نشأته، فهي أم بعد الأم... وقال الشيخ عبد الكريم زيدان : وإذا كان الرضاع يحقق الجزئية المادية بين الرضيع ومرضعته كما يحقق شيئًا من أعظم مظاهر الأمومة والحنان باحتضانها الطفل وإرضاعه من ثديها، فهي بهذا كله تستحق أن تكون أمًّا له بهذا الرضاع، وما يتجلى به من مظاهر الأمومة والحنان.. والأم تحرم على ابنها فتحرم هذه المرضعة على رضيعها، كما تحرم أمه النسبية عليه، وكذلك من يتصل بها على النحو الذي بيناه. اهـ والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني