السؤال
أسأل عن قصة الصحابي شريك بن حباشة النمري، وعن دخوله الجنة عن طريق بئر القلت في الباحة، فهل القصة موثقة تاريخياً وصحيحة؟ وإن كانت كذلك، فما هي الجنة التي دخلها؟.
أسأل عن قصة الصحابي شريك بن حباشة النمري، وعن دخوله الجنة عن طريق بئر القلت في الباحة، فهل القصة موثقة تاريخياً وصحيحة؟ وإن كانت كذلك، فما هي الجنة التي دخلها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد شريك بن حباشة أو خباشة، وتشير إلى القصة التي أوردها ابن حبان في الثقات وغيره: قال ياقوت في معجم البلدان: قال هشام بن محمد: أخبرني ابن عبد الرحمن القشيري عن امرأة شريك بن حباشة النميري قالت: خرجنا مع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أيام خرج إلى الشام فنزلنا موضعا يقال له القلت، قالت: فذهب زوجي شريك يستقي فوقعت دلوه في القلت فلم يقدر على أخذها لكثرة الناس، فقيل له: أخّر ذلك إلى الليل، فلما أمسى نزل إلى القلت ولم يرجع، فأبطأ وأراد عمر الرحيل فأتيته وأخبرته بمكان زوجي فأقام عليه ثلاثا وارتحل في الرابع، وإذا شريك قد أقبل، فقال له الناس: أين كنت؟ فجاء إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ وفي يده ورقة يواريها الكف وتشتمل على الرجل وتواريه، فقال: يا أمير المؤمنين؛ إني وجدت في القلت سربا وأتاني آت فأخرجني إلى أرض لا تشبهها أرضكم، وبساتين لا تشبه بساتين أهل الدنيا فتناولت منه شيئا، فقال لي: ليس هذا أوان ذلك، فأخذت هذه الورقة فإذا هي ورقة تين، فدعا عمر كعب الأحبار وقال: أتجد في كتبكم أن رجلا من أمتنا يدخل الجنة ثم يخرج؟ قال: نعم، وإن كان في القوم أنبأتك به، فقال: هو في القوم، فتأملهم فقال: هذا هو، فجعل شعار بني نمير خضراء إلى هذا اليوم.
وقال ابن حجر في الإصابة: شريك بن خباشة النميري، قال ابن الكلبيّ: هو من بني عمرو بن نمير، له إدراك، وله قصّة مع عمر رواها ابن حبان في الثّقات، من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن شريك بن خباشة النميري أنه ذهب يستسقي من جبّ سليمان ببيت المقدس، فانقطع دلوه، فنزل ليخرجه، فبينما هو في طلبه إذ هو بشجرة فتناول منها ورقة فأخرجها معه فإذا هي ليست من شجر الدنيا، فأتى بها عمر، فقال: أشهد أنّ هذا هو الحقّ، سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يقول: يدخل من هذه الأمة رجل من أهل الجنّة ـ فجعل الورقة بين دفتي المصحف، وهكذا رواه الطّبراني في مسند الشاميين من هذا الوجه، وأخرجه ابن الكلبيّ من وجه آخر، عن امرأة شريك بن خباشة، قالت: خرجنا مع عمر أيام خرج إلى الشّام، فذكر القصة مطوّلة، ولم يذكر المرفوع، وفيه أن عمر أرسل إلى كعب، فقال: هل تجد في الكتاب أنّ رجلا من هذه الأمة يدخل الجنة في الدّنيا؟ قال: نعم، وإن كان في القوم أنبأتك به، قال: فهو في القوم فتأمّلهم، فقال: هو هذا، فجعل شعار بني نمير خضرة بهذه الورقة إلى اليوم. انتهى.
والمراد بالجنة في القصة ظاهر أنه جنة الخلد، لكن هذه القصة باطلة لا تثبت، وقد حكم على الحديث العلامة الألباني بالبطلان والنكارة، كما في الضعيفة رقم: 5571 ـ وبعد كلام نفيس في تحقيق إسناد القصة وأنه لا يثبت، قال العلامة الألباني رحمه الله: وأما حكمي على الحديث بالبطلان، وتعجبي من سكوت الذهبي والعسقلاني عن الحديث وراويه، فذلك ظاهر من وجوه، أهمها: أن الجنة ليست في الأرض وتحت جب سليمان! وإنما هي في السماء، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة، والنصوص في ذلك كثيرة، كقوله تعالى: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ـ وهي في السماء السابعة، كما جاء في حديث أنس في صحيح البخاري وغيره، وانظر فتح الباري: 7 ـ213ـ فإن آدم عليه السلام أهبط من الجنة التي وعد بها المتقون، على القول الصحيح، وفي الحديث الصحيح:.. فإذا سألتُمُ اللهَ، فاسألوه الفردوسَ، فإنها أوسط الجنة ـ أو أعلى الجنة ـ فوقه عرش الرحمن ـ رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في الصحيحة: 921ـ 922ـ فكيف يصح أن تكون تلك الشجرة من الجنة وهي في الجب؟. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني