السؤال
ماذا يقصد بتحلية كتب العلم بالذهب والفضة في كتب الفقه وكذا التمويه؟ وما الفرق بينه وبين التحلية؟ ولماذا حرمهما الفقهاء مع أنهم قالوا بجواز تحلية المصحف؟
ماذا يقصد بتحلية كتب العلم بالذهب والفضة في كتب الفقه وكذا التمويه؟ وما الفرق بينه وبين التحلية؟ ولماذا حرمهما الفقهاء مع أنهم قالوا بجواز تحلية المصحف؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمقصود الفقهاء بتحلية المصحف وكتب العلم هو إلصاق قطع رقيقة من الذهب أو الفضة بهما بتسمير ونحوه. ويقصدون بتمويههما إذابة الذهب أو الفضة وطلاؤهما بذلك، وفرق الفقهاء بين تحلية المصحف وتمويهه، فأجاز أكثرهم تحليته دون تمويهه؛ لأن في التمويه إضاعة للمال. قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- مبينًا وجه التفريق بينهما: فإن قلت العلة الإكرام وهو حاصل بكلٍّ. قلت: لكنه في التحلية لم يخلفه محظور بخلافه في التمويه لما فيه من إضاعة المال... اهـ وقد فصل مذهب الشافعية في هذه المسألة العلامة البجيرمي في التجريد لنفع العبيد فقال: وحاصل ذلك كله أن تحلية المصحف بالفضة جائزة مطلقًا للمرأة وغيرها، وبالذهب جائزة للمرأة دون غيرها، وتمويهه بهما حرام مطلقًا - أي للمرأة وغيرها - وسواء حصل منه شيء بالعرض على النار أم لا. وهذا بالنسبة إلى أصل الفعل، أما بالنظر للاستمرار فإن حصل منه شيء بالعرض على النار حرم، وإلا فلا. وكتابته بهما جائزة مطلقًا اهـ وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى - بعد أن استثنى المصحف -: أما تحلية سائر الكتب بذهب أو فضة فحرام بالاتفاق. وقد فصل مذهب المالكية الحطاب رحمه الله تعالى في "مواهب الجليل" عند قول خليل رحمه الله: وحرم استعمال ذكر محلى ولو منطقة وآلة حرب إلا المصحف. قال رحمه الله: أي فيجوز تحليته بالذهب والفضة في جلده على المشهور. وقال الشيخ يوسف بن عمر: وهو أن يجعل ذلك على الجلد من خارج، ولا يجوز أن يجعل ذلك على الأحزاب والأعشار وغير ذلك. قال الجزولي: يعني في أعلاه، ولا يكتب به ولا يجعل له الأعشار والأحزاب ولا الأخماس؛ لأن ذلك مكروه.. وقال في "الجواهر" في كتاب الزكاة: وتحلية غير المصحف من الكتب لا تجوز أصلاً. اهـ وقال الحصكفي في الدر المختار: وجاز تحلية المصحف. قال ابن عابدين في حاشيته: أي بالذهب والفضة ، وقال الزيلعي : يجوز تحلية المصحف لما فيها من تعظيمه. وقال البهوتي الحنبلي في "دقائق أولي النهى": وكره تحليته - أي المصحف - بذهب أو فضة. وقال ابن الزاغوني: يحرم كتبه بذهب؛ لأنه من زخرف المصاحف. ومثله في "كشاف القناع"، وبهذا تبين تفريق أهل العلم رحمهم الله بين التحلية وبين التمويه، فأجازوا التحلية دون التمويه لما فيه من الإسراف، وأجازوا تحلية المصحف فقط على تفصيل في ذلك دون سائر الكتب لعظم حرمته ومكانته، وهم أفهم وأفقه للدين، فالنجاة في سلوك سبيلهم. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني