السؤال
لقد أقرضت قريبا لي منذ 16 سنة، مبلغا بالليرة السورية؛ لفتح محل يرتزق منه، ولم يسدد المبلغ لظروف لم تساعده على السداد. والآن أطالبه بالمبلغ، فيقول إنه سيرد المبلغ كما هو. الليرة السورية خسرت من قيمتها بشكل كبير، وأنا عندما أعطيته المبلغ، لم تكن توجد عندي عملة سورية، وأخبرته بذلك، كنت أحمل دولارا، فصرفت له من الدولار، وأعطيته بالليرة السورية، والمبلغ آنذاك كان قيمته 2500 دولار، والآن يريد أن يسدد لي المبلغ 225 دولارا، يعني خسرت من قيمة المبلغ حوالي 90 بالمئة، بسبب خسران الليرة السورية لقيمتها.
يقول إنه سأل في سوريا والأردن، وفي ألمانيا حيت يقيم الآن، وأخبروه بأن يرد المبلغ بمثله بالليرة السورية، دون أخد الخسارة في الاعتبار. نريد رأيكم.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيما يلزم المدين عند تغير قيمة النقد، والمتقرر لدى أكثر الفقهاء أن القرض إن كان له مثل، رد بمثله، وهكذا العملات ترد بأمثالها، مهما تغيرت قوتها الشرائية، إلا إذا انقطعت من السوق ولم يعد الناس يتعاملون بها، فعندئذ ترد بقيمتها، وهذا هوالمفتى به عندنا في الشبكة الإسلامية.
جاء في المجموع: يجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل، لأن مقتضى القرض رد المثل. انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها، بمستوى الأسعار. انتهى.
وبناء عليه؛ فإن كنت أقرضت صاحبك بالدولار، فلك في ذمته المبلغ الذي أقرضته، وأما لو كنت أقرضته المبلغ بالليرة، فلك في ذمته مثل المبلغ الذي أقرضته. وكونك حين طلب منك الليرة لم تكن معك، فبعت الدولار الذي كان معك بالليرة لتعطيه ما طلب، فهذا لا يقتضي كونك أقرضته الدولار، بل يدل على أنه طلب الليرة، وأعطيته إياها. وما دامت قيمة الليرة قد نقصت كثيرا، فينبغي له مراعاة ذلك من باب حسن القضاء، ومكافأة للمعروف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم، أحسنكم قضاءً. متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وصححه الألباني.
وللوقوف على أقوال أهل العلم في المسألة بالتفصيل، انظر الفتوى رقم: 66686
والله أعلم.