السؤال
أجاز ابن العثيمين العادة السرية لمن يحصل له ضرر جسدي بتركها، أو يتعقد نفسيا، ويكره الاختلاط بالناس. وقد حصل معي الأمران، لكني أريد التورع، ولا أريد أخذ هذه الرخصة، أستحيي من الله أن أفعلها.
هل لي أن أصبر وأحتسب؟
ما نصيحتكم؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى، ولزوم طاعته، هو ما نصح به نبينا صلى الله عليه وسلم من هم في مثل حالتك، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع، فعليه بالصيام؛ فإنه له وِجاء.
فإذا لم تستطع المبادرة إلى الزواج، فعليك بالصبر والصوم، وبمجاهدة النفس والهوى والشيطان، ولتحتسب الأجر حتى يجعل الله لك مخرجا، وبذلك تنال الثواب الجزيل والأجر العظيم إن شاء الله تعالى.
هذا؛ وننبهك إلى أن الشيخ العثيمين -رحمه الله- أطلق تحريم العادة السرية في مواضع كثير من كتبه ودروسه، إلا إنه رخص فيها عند الضرورة في مواضع أخرى، من باب ارتكاب أخف الضررين، ودفع أعلى المفسدتين بأدناهما.
فقال عند شرحه لقول المقدسي في زاد المستقنع: «وَمَنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ بغَيْرِ حَاجَةٍ، عُزِّرَ»:
قوله: بغير حاجة أي: من غير حاجة إلى ذلك، والحاجة نوعان:
أولاً: حاجة دينية.
ثانياً: حاجة بدنية.
أما الحاجة الدينية، فهو أن يخشى الإنسان على نفسه من الزنا، بأن يكون في بلد يتمكن من الزنا بسهولة، فإذا اشتدت به الشهوة، فإما أن يطفئها بهذا الفعل، وإما أن يذهب إلى أي مكان من دور البغايا ويزني، فنقول له: هذه حاجة شرعية؛ لأن القاعدة المقررة في الشرع أنه يجب أن ندفع أعلى المفسدتين بأدناهما، وهذا هو العقل؛ فإذا كان هذا الإنسان لا بد أن يأتي شهوته، فإما هذا، وإما هذا، فإنا نقول حينئذٍ: يباح له هذا الفعل للضرورة. أما الحاجة البدنية، فأن يخشى الإنسان على بدنه من الضرر إذا لم يُخرج هذا الفائض الذي عنده؛ لأن بعض الناس قد يكون قوي الشهوة، فإذا لم يخرج هذا الفائض الذي عنده، فإنه يحصل به تعقد في نفسه، ويكره أن يعاشر الناس، وأن يجلس معهم. فإذا كان يخشى على نفسه من الضرر، فإنه يجوز له أن يفعل هذا الفعل؛ لأنها حاجة بدنية. فإن لم يكن بحاجة، وفعل ذلك فإنه يعزر، أي: يؤدب بما يردعه. اهـ.
والله أعلم.