السؤال
كنت أريد التقدم لفتاة، ولكن علمت عنها وعن أهلها ما منعني من ذلك، وأخبرني صديق لي أنه يريد الزواج منها.
فهل أخبره بما أعلم عنها وعن أهلها؛ لأني أخشى أن أخبره بذلك، فيكون لسابق هوى في نفسي تجاهها؛ لأن السبب كان أنهم ليسوا بمستوى الالتزام الديني الذي أريده، ولا شيء سوى ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين، ترتب يداك.
لذلك فإن كانت هذه الفتاة مرضية الدين والخلق، بحيث تؤدي الفرائض، وتجتنب الكبائر؛ فلا يجوز لك أن تخبر من يريد الزواج منها بتقصيرها في السنن والمستحبات، وما أشبه ذلك، فمجرد كونها لم تصل إلى مستوى الالتزام الذي تريده، لا يبيح لك التكلم عنها بما يردُّ الخطاب عنها؛ فقد نص أهل العلم على أنه يجوز للولي كتمان بعض عيوب موليته عن الخاطب.
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل للمواق المالكي عند قوله: (وَعَلَيْهِ كَتْمُ الْخَنَا): قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُخْبِرَ بِعَيْبِ وَلِيَّتِهِ، وَلَا بِفَاحِشَتِهَا إلَّا الْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ، أَوْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ عِدَّة.. وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَلِمَ لِوَلِيَّتِهِ فَاحِشَةً أَنْ يُخْبِرَ بِهَا إذَا خُطِبَتْ. اهـ.
هذا في الولي، أما غيره فمن باب أحرى، لكن غير الولي إذا استشير، فعليه أن يخبر بحقيقة ما علمه الله به، بشرط أن لا يخبر إلا بما يؤثر في الحياة الزوجية، كما بينا في الفتوى رقم: 20761.
وأما التقصير في الأمور التي لا تتعلق بالحياة الزوجية، أو التي لا تطعن في الدين؛ فإنها لا تضر، وقد تتغير مع الوقت؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن الإسلام: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع.. إلى قوله ... فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق. والحديث في الصحيحين.
وأما عدم التزام أهلها، فلا ينبغي أن تخبر به من يخطبها، ولا ينبغي أن يكون سببا في منع الخطاب عنها، فقد الله سبحانه وتعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. الأنعام: 164.
وقد كان لبعض نساء السلف من الصحابة وغيرهم، أهلون غير ملتزمين، بل وغير مسلمين أصلا، وكان لبعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم أهلون من المشركين..
وإما إن كان قصدك أنها غير ملتزمة بالفرائض كترك الصلاة وما أشبه ذلك، فعليك أن تخبر صديقك بذلك، وانظر الفتوى رقم: 57460.
والله أعلم.