السؤال
متزوجة منذ سنة، واكتشفت أن زوجي يشرب مع علم أهله بذلك دون إخبارنا وقت الخطبة بذلك، ويقطع صلاته كثيرا.. وتارة يحافظ عليها... وعند السكر يهذي بكلام ويسب ويشتم الحكومة.. ويصل إلى الذات الإلهية.. علما بأنه بار بوالديه، فما حكم البقاء معه؟ وهل ستصبح ذريته مثله؟ كما يتحدث مع بنات ويقابلهن، فهل ستقع عقوبة علي وعلى ذريته بسبب لعبه بمشاعرهن والتمتع بالنظر إلى أجسادهن؟ وأنا بفضل الله ملتزمة؟ ولم أظلم أحدا، وأساعد الناس كثيرا؟ فهل هذا الزوج اختبار أم ابتلاء؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على الحال التي ذكرت من التفريط في الصلاة وشرب المسكرات وإقامة علاقات محرمة مع النساء، فهو على خطر عظيم، وإذا كان يسب الله عز وجل حال سكره، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفره بذلك وخروجه من الملة، وذهب غيرهم إلى عدم خروجه من الملة مادام غير مدرك لما يصدر منه من السب، وهذا القول أرجح ـ والله أعلم ـ قال ابن القيم في أعلام الموقعين: ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبين أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها، بل جرت على غير قصد منه كالنائم والناسي والسكران والجاهل والمكره والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب. اهـ.
وكذلك ذهب بعض أهل العلم إلى كفر تارك الصلاة مطلقاً كفراً أكبر، لكن الجمهور على عدم كفر تاركها كسلاً غير جاحد لوجوبها، وراجعي الفتوى رقم: 177285.
وعليه، فيجوز البقاء مع هذا الزوج، لكن الواجب نصحه ونهيه عن المنكرات وأمره بالمعروف، ونصيحتنا لك أن
تجتهدي في استصلاحه بتذكيره بالله عزّ وجلّ وتخويفه عقابه، ويمكنك الاستعانة ببعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم، وحثه على مصاحبة الصالحين وحضور مجالس العلم والذكر مع كثرة الدعاء له بالهداية، وراجعي الفتويين رقم: 3830، ورقم: 35757.
فإن تاب زوجك، وحافظ على الصلاة، وترك شرب المسكرات والعلاقات المحرمة، وعاشرك بالمعروف، فهذا خير، وأمّا إذا لم يتب وبقي على فعل هذه المنكرات، فالأولى أن تفارقيه بطلاق أو خلع، قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه، وقال: ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته يحولّها إليه وعنه أيضا أيفرق بينهما؟ قال الله المستعان.
ووقوع زوجك في هذه المنكرات لا يقتضي أن تكون ذريته على شاكلته أو يقع عليك أو على ولده عقوبة، واعلمي أن الابتلاء ليس بالضرورة أن يكون عقوبة للعبد أو دليل هوان على الله، بل قد يكون الابتلاء دليل محبة من الله تعالى، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ الله إذا أحبّ عبداً ابتلاه. رواه البيهقي في شعب الإيمان.
ومع ذلك، فإنّه ينبغي للعبد إذا نزل به بلاء أن يتهم نفسه ويجدد التوبة إلى الله، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:... يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. اهـ
والله أعلم.