السؤال
والدي ـ حفظه الله ـ بدرت منه كلمات قبل عدة سنوات في نقاشات متفرقة، وهذه الأقوال أخشى أن يكون قد وقع بسببها في الكفر أو الردة، فمن ذلك بيت يشعر يغني به أحدهم، فيقول: عبدت القبر يا سلمى لأن القبر ضماك** عبدت الله في سري لأن الله سواك ـ وكنت أناقش الوالد في أن هذا كفر، فدافع عن قائل البيت، لأنه قال في البيت الذي يليه: عبدت الله في سري، لأن الله سواك ـ فهل يعد هذا من باب تصحيح مذهب الكفار، وفي موقف آخر قال له أحد أصدقائه إن القذافي قال لا داعي لقول: قل ـ في آية: قل هو الله أحد ـ فكان رد الوالد بأن هذا منطق مما يفهم منه استحسانه لذلك، مع ظني أن الوالد لا يعتقد مثل هذا الكلام، ومرة سمع آية من القرآن الكريم على المذياع فقال كلاما يفهم منه أنه ظن أن هذا ليس من القرآن، لأن أذنه لم تستسغه، أو لأن اللفظ غير متجانس، مع العلم أن بعض هذه الأقوال ربما مر عليها قرابة ستة عشر أو عشرين عاما، فما حكم الوالد، مع العلم أنه حريص على أداء الصلاة في وقتها وقراءة القرآن والقيام لصلاة الفجر؟ وهل يعذر بجهله؟ كما أنني قد وكلته في عقد قراني بعد هذه المواقف، فهل هذا يؤثر ذلك في صحة العقد؟ كما أفيدكم بأن لدي بعض الوسوسة في مسائل نواقض الإسلام، فهل أعرض عن كل هذا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كلمات الأغنية المذكورة: فهي كلمات شركية بلا شك، وأما أبوك: فلا يحكم بكفره لمجرد ما ذكرت حتى يبين له الأمر وتزال عنه الشبهة، وهنا لا بد أن ننبه على أنه الحكم بالكفر ليس بالأمر الهين، وقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول إسلامه بالشك, وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرا أكبر مخرجا من ملة الاسلام, أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر، ومع ذلك فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توافرت فيه شروط التكفير, وانتفت عنه موانعه, ومن ذلك أن يكون بالغا عاقلا مختارا غير معذور بجهل أو تأويل، وقد سبق لنا بيان ذلك, وبيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه, وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه, وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 721، 199241، 106483، 53835, 8106، 122556, 119321، 12800.
وأما الكلمة الثانية المذكورة عنه: فلعله قالها من باب السخرية بقائلها، لا من باب الاستحسان.
وأما الموقف الثالث: فلا يكفر والدك بسببه ما دام لا يعلم أن ما أنكره من القرآن.
وعليه؛ فالأصل صحة إسلام أبيك ومن ثم صحة عقد نكاحك وغير ذلك من الأحكام المبنية على الحكم بإسلامه، وأنه لم يخرج من الملة بشيء مما ذكر، ونحذرك من الوساوس ومن الاسترسال معها خاصة في هذا الباب، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.