السؤال
عقدت قراني على زوجتي منذ شهر، ولَم أدخل بها؛ لأن العرس سيكون بعد عام -إن شاء الله- ولكن حدث أن قبلتها، ولكن لم يتم الدخول. بعدها سافرت، وكنت في مناقشة مع آخرين من أصدقائي حول قيام صديق لنا بتصرف ما، وكنت أحكي ما قام به. وأثناء سردي لما قام به، حلفت بالطلاق أن ما قام به وراءه سبب غامض، وقصدت من ذلك التأكيد على سوء ظني به، وأنه ربما قام بفعل مشين، وأراد تغطيته بهذا التصرف. ولَم أكن أمتلك أي دليل علي ظني به، ولا أعلم إذا كان قد فعل أو لم يفعل، ولكنني أردت التأكيد على وجهه نظري؛ فحلفت ولَم يكن لدي سوى سوء الظن به، اعتمادا على علمي بسلوكه السيئ مسبقا، وقد حلفت ولم أدرك ما قلت إلا بعد أن قلته؛ وذلك لأنني وأصدقائي من الشباب كنّا للأسف معتادين على الحلف بالطلاق قبل الزواج.
فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت حلفت ظاناً صدق نفسك، ولم تتعمد الكذب، فالراجح عندنا أنّك على بر في يمينك، ولم تحنث، فلا يلزمك طلاق ولا كفارة، ولو كان الواقع بخلاف ما حلفت عليه.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: والصحيح أن من حلف على شيء يعتقده، كما لو حلف عليه، فتبين بخلافه، فلا طلاق عليه ..." مجموع الفتاوى.
وفي فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز -رحمه الله-: إذا طلّق الإنسان على شيء يعتقد أنه فعله، فإن الطلاق لا يقع، فإذا قال: عليه الطلاق أنه أرسل كذا وكذا، ظانًّا معتقدًا أنه أرسله، ثم بان أنه ما أرسله، أو بان أنه ناقص، فالطلاق لا يقع في هذه الحال. هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وهكذا لو قال: عليّ الطلاق إن رأيت زيدًا، أو عليّ الطلاق إن زيدًا قد قدم، أو مات، وهو يظن ويعتقد أنه مصيب، ثم بان له أنه غلطان، وأن هذا الذي قدم أو مات، ليس هو الرجل الذي أخبر عنه، فإن طلاقه لا يقع؛ لأنه في حكم اليمين اللاغية، يعني في حكم لغو اليمين، يعني ما تعمّد الباطل، إنما قال ذلك ظنًّا منه. اهـ.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.