السؤال
لقد سرقت وأنا صغير من بعض أصحاب المحلات بعض المواد الغذائية البسيطة، وأردت أن أتحلل مما سرقت، ولكني كنت أخجل من مقابلتهم، فقمت بالبحث عن أرقام هواتفهم، واتصلت بهم مع إخفاء اسمي ورقمي ، فكنت أقول لهم إني كنت صغيرا، وسرقت منكم ما قيمته كذا، وأطلب منهم العفو وأشاورهم فيما أرادوا أن أتصدق بتلك القيمة عنهم، وقد سامحوني ووافقوا أن أتصدق عنهم.
فهل تبرأ ذمتي بعد هذا؟ مع العلم أني أخفيت هويتي خجلا منهم، ولأني أعرفهم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في التحلل من أصحاب الحقوق، وما داموا عفوا عنك فهذا كاف في التخلص من حقهم، ولا حرج في إخفاء نفسك لأن الستر على النفس مطلوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى. رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم.
هذا؛ وننبه إلى أن ما فعله الصبي قبل البلوغ لا إثم عليه فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة :عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. أخرجه أصحاب السنن وأحمد والحاكم وغيرهم.
لكن عليه ضمان ما سرقه؛ لأن عدم التكليف إنما يسقط الإثم، ولا يسقط الضمان، ولا بد في التوبة من مظالم الناس من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه.
جاء في الموسوعة الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما إلى من سرق منه، سواء كان السارق موسرا أو معسرا، وسواء أقيم عليه الحد أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده أو عند غيره، لما روي من أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على صفوان رداءه وقطع سارقه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. ولا خلاف بينهم كذلك في وجوب ضمان المسروق إذا تلف. انتهى
والله أعلم.